فى محاضرات مادة التبادل الثقافى فى
الجامعة، كان فصلى يعقد مؤتمراً بالفيديو – فيديو كونفراس - كل أسبوع مع
فصل آخر يدرس نفس المادة فى الولايات المتحدة، وكانت هناك قائمة من
المقالات أو الكتب علينا أن نقرأها كل أسبوع.. فى إحدى المحاضرات كان مقررا
على الفصل الأمريكى أن يقرأ رواية «عمارة يعقوبيان» للدكتور علاء الأسوانى
كتعبير عن قاهرة التسعينيات، لكى يفهموا أكثر عن القاهرة والمجتمع
الشرقى.. هنا كان لابد أن أتوقف وأتساءل : أى فكرة سيأخذها هؤلاء الطلبة
الأمريكان عن قاهرتنا بعد «عمارة يعقوبيان»؟وبغض النظر إذا ما كانت
هذه الفكرة إيجابية أو سلبية، فإن القضية أكبر من ذلك.. لقد لفتت نظرى إلى
المسؤولية الكبرى الملقاة على عتق الكاتب عندما يكتب عن بلده.. إنه يعبر عن
مجتمعه، عن وطنه، عن مواطنيه وأحلامهم ومشاكلهم وآمالهم، ينقل لهم وللعالم
أجمع هذه القضية فى رواية.. مثلما يفعل المبدع دائما سواء فى رواية أو
لوحة أو فيلم سينمائى أو قصيدة شعر.. فى رأيى لابد أن يقدم أى عمل
فنى أو أدبى رسالة ما، لابد أن يتناول قضية ما، الكاتب أو المبدع لا يضحى
بوقته ويكتب لنا رواية تتعدى صفحاتها مائتى صفحة أو فيلما يتكلف إنتاجه
ملايين الجنيهات من أجل إمتاعنا فحسب، صحيح أن المتعة فى حد ذاتها هدف
نبيل، لكن القضية التى يناقشها والتأثير الذى سيحدثه فى نفوس قرائه أو
مشاهديه هدف نبيل آخر لابد ألا ينساه.ما القضايا الكبرى التى
تناقشها أفلامنا الآن؟.. القضية الفلسطينية صارت هامشية تماما، رغم أنها
تحتل مساحة يومية من صفحات جرائدنا وتتصدر نشرات الأخبار وتتحول لحديث
العامة أحيانا وقت أن يشتد الحصار أو تنطلق إسرائيل ضاربة أسطول الحرية أو
قاصفة غزة.. حتى الأفلام القليلة التى ناقشت القضية قدمتها بسطحية منقطعة
النظير، فقط تذكر مشهد الشاب جهاد الفلسطينى – عمرو واكد - فى فيلم «أصحاب
ولا بيزنس» أو المظاهرة التى قادها محمد هنيدى فى «صعيدى فى الجامعة
الأمريكية».. لماذا لا يناقش أبناء هذا الجيل قضايانا بشكل أعمق؟ لماذا لم
يناقش عمل أدبى أو فنى أحداثا هزت العالم مثل أحداث ١١ سبتمبر، حرب العراق،
حرب لبنان ٢٠٠٦، وهى الحرب الكبرى التى شهدها جيلنا بين العرب وإسرائيل؟هذه
الأعمال الفنية هى التى ستقدم للأجيال القادمة قضايا هذا الجيل.. وهذا
الزمن.. فى التسعينيات انتشرت أفلام الإرهاب، لأن الظاهرة كانت منتشرة
فعلا.. أبناء جيلى عرفوا عن حرب أكتوبر من السينما قبل أن يتعلموا عنها تلك
الصفحات الموجزة فى كتب التاريخ.. عرفنا جمال عبدالناصر من «ناصر ٥٦»
وعرفنا عن حرب الاستنزاف من «الطريق إلى إيلات» وعرفنا عن حرب أكتوبر من
«الرصاصة لاتزال فى جيبى».. هذه الأفلام قدمت لنا تاريخاً لم نعشه، وأحيتنا
فى واقع لم نتنفسه، حسنا.. السؤال الآن: ماذا ستعرف الأجيال القادمة عن
جيلنا عندما تشاهد أفلامنا؟يهمنى عندما أقضى أياما فى قراءة كتاب أو
ساعتين فى مشاهدة فيلم، أن أخرج فى النهاية وأقول إن المبدع أراد أن يقول
شيئا، وأنه غير أفكارى تجاه شىء آخر، وأنه أفادنى بكذا وكذا.. المبدع لا
يمكن أن يغير العالم بكتاب أو فيلم، لكن يمكنه أن يؤثر فى عقول الملايين
الذين سيحدثون هذا التغيير يوما ما.. يا أبناء جيلى، أقول هذا الكلام لنفسى
قبل أن أقوله لأى أحد آخر.. لا تنسوا القضية!بقلم ...علاء مصباح
الجامعة، كان فصلى يعقد مؤتمراً بالفيديو – فيديو كونفراس - كل أسبوع مع
فصل آخر يدرس نفس المادة فى الولايات المتحدة، وكانت هناك قائمة من
المقالات أو الكتب علينا أن نقرأها كل أسبوع.. فى إحدى المحاضرات كان مقررا
على الفصل الأمريكى أن يقرأ رواية «عمارة يعقوبيان» للدكتور علاء الأسوانى
كتعبير عن قاهرة التسعينيات، لكى يفهموا أكثر عن القاهرة والمجتمع
الشرقى.. هنا كان لابد أن أتوقف وأتساءل : أى فكرة سيأخذها هؤلاء الطلبة
الأمريكان عن قاهرتنا بعد «عمارة يعقوبيان»؟وبغض النظر إذا ما كانت
هذه الفكرة إيجابية أو سلبية، فإن القضية أكبر من ذلك.. لقد لفتت نظرى إلى
المسؤولية الكبرى الملقاة على عتق الكاتب عندما يكتب عن بلده.. إنه يعبر عن
مجتمعه، عن وطنه، عن مواطنيه وأحلامهم ومشاكلهم وآمالهم، ينقل لهم وللعالم
أجمع هذه القضية فى رواية.. مثلما يفعل المبدع دائما سواء فى رواية أو
لوحة أو فيلم سينمائى أو قصيدة شعر.. فى رأيى لابد أن يقدم أى عمل
فنى أو أدبى رسالة ما، لابد أن يتناول قضية ما، الكاتب أو المبدع لا يضحى
بوقته ويكتب لنا رواية تتعدى صفحاتها مائتى صفحة أو فيلما يتكلف إنتاجه
ملايين الجنيهات من أجل إمتاعنا فحسب، صحيح أن المتعة فى حد ذاتها هدف
نبيل، لكن القضية التى يناقشها والتأثير الذى سيحدثه فى نفوس قرائه أو
مشاهديه هدف نبيل آخر لابد ألا ينساه.ما القضايا الكبرى التى
تناقشها أفلامنا الآن؟.. القضية الفلسطينية صارت هامشية تماما، رغم أنها
تحتل مساحة يومية من صفحات جرائدنا وتتصدر نشرات الأخبار وتتحول لحديث
العامة أحيانا وقت أن يشتد الحصار أو تنطلق إسرائيل ضاربة أسطول الحرية أو
قاصفة غزة.. حتى الأفلام القليلة التى ناقشت القضية قدمتها بسطحية منقطعة
النظير، فقط تذكر مشهد الشاب جهاد الفلسطينى – عمرو واكد - فى فيلم «أصحاب
ولا بيزنس» أو المظاهرة التى قادها محمد هنيدى فى «صعيدى فى الجامعة
الأمريكية».. لماذا لا يناقش أبناء هذا الجيل قضايانا بشكل أعمق؟ لماذا لم
يناقش عمل أدبى أو فنى أحداثا هزت العالم مثل أحداث ١١ سبتمبر، حرب العراق،
حرب لبنان ٢٠٠٦، وهى الحرب الكبرى التى شهدها جيلنا بين العرب وإسرائيل؟هذه
الأعمال الفنية هى التى ستقدم للأجيال القادمة قضايا هذا الجيل.. وهذا
الزمن.. فى التسعينيات انتشرت أفلام الإرهاب، لأن الظاهرة كانت منتشرة
فعلا.. أبناء جيلى عرفوا عن حرب أكتوبر من السينما قبل أن يتعلموا عنها تلك
الصفحات الموجزة فى كتب التاريخ.. عرفنا جمال عبدالناصر من «ناصر ٥٦»
وعرفنا عن حرب الاستنزاف من «الطريق إلى إيلات» وعرفنا عن حرب أكتوبر من
«الرصاصة لاتزال فى جيبى».. هذه الأفلام قدمت لنا تاريخاً لم نعشه، وأحيتنا
فى واقع لم نتنفسه، حسنا.. السؤال الآن: ماذا ستعرف الأجيال القادمة عن
جيلنا عندما تشاهد أفلامنا؟يهمنى عندما أقضى أياما فى قراءة كتاب أو
ساعتين فى مشاهدة فيلم، أن أخرج فى النهاية وأقول إن المبدع أراد أن يقول
شيئا، وأنه غير أفكارى تجاه شىء آخر، وأنه أفادنى بكذا وكذا.. المبدع لا
يمكن أن يغير العالم بكتاب أو فيلم، لكن يمكنه أن يؤثر فى عقول الملايين
الذين سيحدثون هذا التغيير يوما ما.. يا أبناء جيلى، أقول هذا الكلام لنفسى
قبل أن أقوله لأى أحد آخر.. لا تنسوا القضية!بقلم ...علاء مصباح