نقد كتاب البخاري وصحيحه للهرساوى
الكتاب تأليف حسين غيب غلامي الهرساوي وهو من المعاصرين وموضوع الكتاب البخارى وصحيحه وهو قوله:
" وإذ أقف أمام حضرات السادة الاجلاء محاضرا وبإيجاز حول البخاري وكتابه المشهور بالصحيح وسائر كتبه الاخرى فانني أشعر بالاعتزاز والتقدير"
وقد تحدث الهرساوى عن الكتب الموجودة للبخارى خاليا فقال :
" يمكن القول إن كتب البخاري مصنفة في ثلاثة محاور:ـ فقهية ـ رجالية ـ كلامية فالبخاري ألف فيها كتبا عديدة يمكن حصرها في ثمانية عشر كتابا موزعة كما يلي:
ـ أربعة كتب في الفقه والحديث: أحدها صحيح البخاري، والثاني رفع اليدين في الصلاة، فقه القراءة خلف الامام، وكتاب رابع مفقود هو كتاب الهبة، كتبه مستقلا مشتملا على خمسمائة حديث
أما كتبه الرجالية فهي ثلاث كما هو المتوفر لدينا وكتاب آخر في الضعفاء وهو مفقود; فكتبه في الرجال هي: 1 ـ تاريخه الكبير والاوسط 2 ـ تاريخه الصغير والأول مطبوع في مجلدات، والثاني في مجلدين، والثالث طبع بشكل كراس"
ثم تحدث عن كون كتابه خمسة أقسام فقال :
"نستطيع تقسيم حديثنا في مسألة البخاري وبحسب تقسيمه هو إلى خمسة أقسام على الاقل فيما يخص هذه المناسبة، لأننا لو أردنا البحث في زوايا المسألة لاستغرق الوقت أكثر مما هو مخصص فعلا ساعة واحدة لأننا لو بدأنا الحديث مثلا في صحيح البخاري وتناولنا كلمته الاولى وهي: «حدثنا الحميدي» فقط، فربما استغرق منا ذلك سنة بلياليها، لان «حدثنا الحميدي» هي أساس المصائب
وأما الأقسام الخمسة فهي:
الأول: عناوين الصحيح وأبوابه ورجاله وإسناده ورواياته
الثاني: في شخصيته وسيرته الذاتية وموقعه في علم الرجال ومنزلة مروياته
الثالث: معارضة البخاري لفقه أبي حنيفة والأحناف وتناقضه كمحدث مع أهل الرأي، حتى يمكن القول ان كتبه الفقهية جميعا إنما جاءت ردا على أبي حنيفة
الرابع: التأمل ودراسة تاريخ أهل الحديث في القرون الاول والثاني والثالث
الخامس: إخبار اليهود والاسرائيليات التي تغلغلت في أخبار المحدثين خاصة في صحيح البخاري، إذ أننا نجد نفوذ الاسرائيليات في أحاديث الصحيح، حيث يتجلى التفكير اليهودي في تفضيل موسى (ص)على نبينا محمد (ص)، ونقل حكايات لا تليق بمقام الانبياء والرسلهذه خمسة أقسام وزعنا عليها المواضيع "
وقد استهل الكلام بالقسم الأول وهو صحيح البخارى فقال :
"القسم الأول: صحيح البخاري:
فيما يخص القسم الاول الذي يتعلق بصحيح البخاري ينبغي أن نعرف أن مؤلفه صنفه في مدة تتراوح بين ستة عشر إلى ثمانية عشر عاما، زاعما أنه كان يغتسل ويتوضأ ويصلي ركعتين قبل أن يدون كل حديث فيه، وهذا يعني أن كل ما يرد فيه من أحاديث لا يعتورها سهو أو نسيان أو خطأ، فهناك إرادة حرة في جمعه الاحاديث وضبطها على أن هناك مسألة هامة، وهي أن الصحيح لم يكتمل على يد مؤلفه محمد بن إسماعيل البخاري، وإنما اكتمل على يد اثنين من تلامذته: محمد بن يوسف الفربري ومحمد بن ابراهيم المستملي، وهما يصرحان بذلك قائلين إنهما شاهدا في الصحيح أوراقا بيضاء «فأضفنا»، فهذا ما نجده في مقدمة فتح الباري التي فصل فيها ابن حجر ولم يرد على ذلك معترفا بوجود بياض في صحيح البخاري وأنه أضيف إليه
وقال الباجي أيضا: «ومما يدل على صحة القول: أن رواية أبي إسحاق المستملي، ورواية أبي محمد السرخسي، ورواية أبي الهيثم الكشميهني، ورواية أبي زيد المروزي، مختلفة بالتقديم والتأخير، مع أنهم استنسخوا من أصل واحد; وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما، فأضافه إليه، ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث وبه يعلم سبب اختلاف نسخ «الصحيح» وغموض المطابقة بين الترجمة والحديث في بعض المواضع"
الهرساوى هنا لم ينقل ما قيل عن الفربرى والمستملى كاملا و‘نما نقل المعنى واكتفى بكلمة فأضفنا كى بوهم المستمعين والقراء أنهم من كتبوا العديد مما جاء فى الكتاب أى كتبوا من عند أنفسهم بينما الرواية فى فتح البارى تقول:
"قال حدثنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملى قال انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري فرأيت فيه أشياء لم تتم وأشياء مبيضة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا ومنها أحاديث لم يترجم لها فأضفنا بعض ذلك إلى بعض"
فعبارة فأضفنا بعض ذلك إلى بعض تدل غلى غير ما اراده الهرساوى فهم ضموا الأوراق لبعضها مع نقصها فى عدد من المواضع ومن ثم تبدو بعض المواضع غير مفهومة أو ناقصة مثل باب كذا وليس فيه رواية لأن الكتاب لم يكتمل
وقد بين الهرساوى أن هناك أدلة على أن بعض الكتاب ليس من كتابة البخارى كالرواية التى يوضع فيها اسمه كراوية فقال :
" على أن كثيرا من العلماء المحققين خدموا تراجمه على حدة في كتاب خاصة، كالقاضي ناصر الدين بن المنير والقاضي بدر الدين بن جماعة، ومحمد بن حمامة السلجماسى، في كتاب سماه: «فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة»، ولابي عبدالله البستي كتاب سماه: «ترجمان التراجم»، وصل فيه إلى كتاب «الصيام»، دع عنك ما بينه الشراح» كما أننا نجد روايات يرد فيها محمد بن إسماعيل البخاري كحلقة في سلسلة الرواة والاسناد; بمعنى أن المؤلف يتحول إلى راو للحديث فقط كما هو الحال في كتاب العلم:وهناك مسألة أخرى: هي تعدد نسخ البخاري، إذ يؤكد بعض المحدثين من أهل السنة وجود روايات نسبت إلى الصحيح لا توجد في نسخه الاخرى أكتفي ولضيق الوقت بذكر بعض النماذج:
في استحباب الشرب بكأس النبي (ص)، إذ يورد ابن حجر قول البخاري: رأيت كأس النبي (ص) بالبصرة فشربت منه وهذه ليست موجودة في النسخة التي بين يديه، ويذكر وجودها في نسخة القرطبي وهناك أيضا رواية «زنا قردة في الجاهلية ورجمها»، وقد وردت في نسخ صحيح البخاري بزيادة ونقصان وترى في هذه العبارة: خلو بعض النسخ في عصر الحميدي من هذه الرواية; مع ما نرى في النسخ الموجودة المطبوعة ورودها في كتاب «بدء الخلق» في مناقب الانصار، باب «أيام الجاهلية»
وروى ابن الاثير أيضا: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية» وقال: قال الحميدي: في هذا الحديث زيادة مشهورة لم يذكرها البخاري أصلا من طريقي هذا الحديث، ولعلها لم تقع إليه فيهما، أو وقعت فحذفها لغرض قصده في ذلك وأخرجها أبو بكر البرقاني، وأبو بكر الاسماعيلي قبله، وفي هذا الحديث عندهما: أن رسول الله قال: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية; يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» قال أبو مسعود الدمشقي في كتابه: «لم يذكر البخاري هذا الزيادة » وعدم ذكر البخاري الذيل المذكور في حديث عمار في إحدى الاحتمالات عند الحميدي (فحذفها لغرض) وهو أمر يبحث عنه في ترجمة البخاري نفسه وعقيدته ومذهبه وإنما أخرج البخاري حديث «ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» وفي صحة حديث عمار قال ابن عبدالبر: «تواترت الاخبار بذلك وهو من أصح الحديث، وقال ابن دحية: لا مطعن في صحته، ولو كان غير صحيح لرده معاوية»
وفي تخريج الزركشي على أحاديث الرافعي ذكر الفاظ هؤلاء المخرجين للحديث، وقيل عن ابن دحية أنه قال: كيف يكون فيها اختلاف، وقد رأينا معاوية نفسه حين لم يقدر على انكاره قال: إنما قتله من أخرجه! ولو كان حديثا فيه شك لرده وأنكره، وقد أجاب علي عن قول معاوية بأن قال: فرسول الله (ص) قتل حمزة حين أخرجه وهذا من علي إلزام لا جواب عنه، انتهى بلفظه"
وقال الزركشي: وقد صنف الحافظ ابن عبدالبر جزءا سماه «الاستظهار في طريق حديث عمار» وقال هذا الحديث من إخبار النبي (ص) بالغيب وأعلام نبوته، وهو من أصح الاحاديث، ثم قال الزركشي: عمارا كان مع علي وقتله أصحاب معاوية وقال ابن الوزير: وأما ترك البخاري لأول الحديث فغير قادح; لان آخره أشد وعيدا من أوله، ولعله ترك أوله تقية من المتعصبين، فقد ثبت في ترجمته أنه امتحن، وذكر ابن حجر أنه مات وكتابه مسودة لم تبيض، ثم قال: ويدل على تقية البخاري في شأن عمار، أنه لم يذكر حديثه هذا في مناقبه وفي صحيحه، وإنما احتال لذكره في مواضع لا ينتبه الطلبة فيها، مثل باب: مسح الغبار في كتاب «الجهاد» والتعاون في بناء المساجد في كتاب «الصلاة» موهما أنه ما أورده إلا للتعريف بهذه الاحكام المعلومة التي لا يهم محصل بايثارها على معرفة الحق من الباطل في فتنة أهل الإسلام، انتهى كلام المصنف في هوامش «التلخيص»
وقد علمنا أن ابن حجر أيضا علم ذلك من البخاري في تغيير مواضيع الكلمات حيث نبه عليها بعض الاحناف في تعريضه عليه: «ومن دأبه في كتبه لا سيما «فتح الباري» أنه يغادر حديثا في باب يكون مؤيدا للحنفية مع علمه به ثم يذكره في غير مظانه لئلا ينتفع به الحنفية» وعلى كل ذلك، قال ابن حجر في «فتح الباري» في الاعتذار للبخاري عن عدم إخراجه (ويح عمار تقتله الفئة الباغية) ما لفظه: إعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع، وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا، وكذا قال أبو مسعود، قال الحميدي: لعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها
قال ابن حجر: قلت: يظهر لي أن البخاري حذفها عمدا، وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد اعترف انه لم يسمع هذه الزيادة من النبي (ص)فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري; وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه: «فقال أبو سعيد: فحدثني أصحابي، ولم اسمعه من النبي (ص)أنه قال: يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية» ابن سمية وهو عمار وسمية اسم أمه وهذا الاسناد على شرط مسلم
ثم قال: وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك، فعن مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره، فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي (ص) دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الاحاديث، انتهى والعجب من الحافظ ابن حجر في قوله: «إنه حذفها البخاري بعد سماع أبي سعيد لها من النبي (ص) مع قوله: «حدثني أصحابي» وقوله: «حدثني من هو خير مني أبو قتادة» ولا يعلم أنهم يعلون حديثا بكونه لم يشافه النبي (ص) به الصحابي الذي رواه، أو بكون رواية سمعه من صحابي آخر يزكيه ويفضله على نفسه، فقوله: «إن حذفها دال على تبحر البخاري في الاطلاع على علل الاحاديث»!! أعجب، فاي علة أبداها؟ ويلزم على جعل هذه علة أن جميع رواية ابن عباس كلها معلولة، لتصريحهم بأنه لا يبلغ ما سمعه عن النبي (ص) مشافهة عشرين حديثا وكذلك غيره من صغار الصحابة
إذا عرفت هذا، فعذر المصنف للبخاري أرفع من عذر ابن حجر، ولابن حجر في شرح الحديث في «فتح الباري» كلام تمجه الاسماع، عند من له تحقيق واطلاع، وقد بنيا ما فيه في حواشيه وروايته عن أحمد صحة الحديث وأمثال ذلك
وما يثير الدهشة إنه ومع كثرة المناقشات في حذف رواية عمار المذكورة هو وجودها في النسخ التي بين أيدينا فمن أين مصدر ذلك إذن؟ وقد بحثنا في ذلك في كتابنا وقفة مع البخاري فراجع
ومن هنا يمكن القول أن ما يوجد بين دفتي البخاري وفي جميع مجلداته ليس كله من تصنيف محمد بن إسماعيل البخاري، وهذه نقطة أخرى"
ما ذكره الهرساوى هنا وهو وجود روايات فى الكتاب عن البخارى ليس صحيحا فرواية الكأس ليست مذكورة فى النسخ الموجودة من الكتاب وإنما ذكرها ابن حجر فى معرض كلامه عن وجود اختلافات بين بعض النسخ
وحكاية اختلاف نسخ الكتاب أمر عادى فى التراث المزور الذى ورثناه ليس عن المسلمين حقا وإنما ورثناه عن الكفار الذين افتروا ومعظمه ونسبوه أسماء المسلمين واو راجع الهرساوى كتب الحديث فى المذهب الشيعى لوجد نفس الخطأ الذى يتكلم عليه فمثلا فى كتاب الكافى للكبينى نجد تعليق المحقق ص 5 ج 1 " (5) من قولهم نشأت في بني فلان نشأ ونشوء ا، إذا شببت فيهم وفي أكثر النسخ [ والسبق عليه ] وفي بعضها [ والنشق ].
(6) في بعض النسخ [ خلقهم ]."
وفى ص7 ج1 نجد قول المحقق على أكبر الغفارى "(4) " انبثقت " يقال بثق الماء بثوقاً فتحه بأن خرق الشط وانبثق هو إذا جرى بنفسه من غير فجر. والبثق بالفتح والكسر: الاسم. كذا في المغرب. وفي بعض النسخ انبسقت بالمهملة. والبثوق في الكلام فاعل انبثقت. اي: انفرجت على اهل دهرنا شقوق هذه الاديان. (آت).
(5) " المستشنعة " أي: المستقبحة. وفي بعض النسخ " متشنعة ". وفي بعضها " مستبشعة ". "
وفى كتاب الاستبصار للطوسى نجد تعليق المحققين ص7ج 1
(1) نسخة في د ( بيده ).
(2) نسخة في ب و ج ( أصحابنا )."
وفى ص8 ج1 نجد التعليق على النسخ :
"(2) في ب و ح « لم ».
(3) زيادة في المطبوعة و ج.
(4) في ب و ج بعد أبي بصير « عن أبي عبد الله »"
إذا هذا العيب موجود فى معظم كتب التراث ذات النسخ المتعددة فى شتى المذاهب
ثم تحدث الرجل عن تسمية الكتاب بالصحيح فقال :
"والثالثة تتعلق بنفس الكتاب أيضا وهي مسألة تصحيحه، فالصحيح يعني إطلاق الصحة على جميع رواياته، مع أن تخصيص الاكثر في العمومات قبيحة، وفي الوقت الذي يؤكد فيه البعض خروج الاكثر أو القريب منها عن إطار الصحة وفيها: التعليقات، والتراجم، والشواهد، والمقرونات وتعليقات البخاري وهي على قسمين: تعليقات مجزومة معتبرة وتعليقات غير مجزومة ليست معتبرة، وهكذا المتابعات والشواهد والتراجم والمكررات، وجميعها يشتمل على نصف الكتاب تقريبا،وهذا العدد ليس قليلا، لانه يشكل علامة استفهام كبرى، فهل يبقى صحيح البخاري على صحته بعد إخراج هذا الكم؟
وهناك روايات البخاري التي تنقسم إلى أربعة أقسام:
1 ـ مسندات
2 ـ تعليقات
3 ـ متابعات
4 ـ شواهد، وهي في الاغلب من المرسلات
ولكل قسم منها حكمه الخاص وما ادعاه البخاري حول صحيحه ينحصر في الروايات المسندة، يعني اتصال السند بالمتون الخبرية، وما يخرج عن هذا العموم متابعات وشواهده وتعليقاته، ولذا فاننا وعندما نريد الاستدلال على صحيح البخاري فانه ينبغي الاشارة في الاستدلال إلى أي قسم من هذه الاقسام: الشواهد، التعليقات، المسندات؟
والمسألة الاخرى في هذا الكتاب، وتطرح بعنوان إشكال، وهي مسألة التراجم، والعناوين الواردة تحت الصحيح
هناك مقولة مشهورة تقول: إن فقه البخاري يكمن في تراجمه،وهذا يعني أن فقاهة محمد بن اسماعيل البخاري تستكشف من هذا القسم، أي تحسب من اجتهاداته وآرائه الفقهية، ومن المحتمل أن يكون هذا صحيحا أو غير صحيح
والمسألة الاخرى التي ترتبط بذلك الكتاب هي العناوين التي لم يرد تحتها أي من الروايات، يعني انحصارها في الترجمة فقط دون وجود ذكر للرواية ويعد هذا نقصا في الكتاب; وعادة ما يبرره البعض بأن البخاري يبتدأ عمله بادراج العنوان أولا فاذا وجد رواية سجلها وإلا فلا "
والغريب ان النسخ الموجودة ليس فيها اسم للكتاب فالرجل حسب النسخ الموجودة لم يسم كتابه الصحيح فبداية الكتاب " قال الشيخ الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري رحمه الله تعالى آمين"
ولو صدقنا رواية عدم الاكتمال فالرجل حتى ذلك الحين لم يسم كتابه فى الكتاب وكل ما قيل هو روايات اوردتها كتب أخرى كفاح البارى كما فى قوله :
"أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم سمعت خلف بن محمد البخاري بها يقول سمعت إبراهيم بن معقل النسفي يقول قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري كنا عند إسحاق بن راهويه فقال لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح وروينا بالإسناد الثابت عن محمد بن سليمان بن فارس قال سمعت البخاري يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة اذب بها عنه فسألت بعض المعبرين فقال لي أنت تذب عنه الكذب فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح وقال الحافظ أبو ذر الهروي سمعت أبا الهيثم محمد بن مكي الكشميهني يقول سمعت محمد بن يوسف الفربري يقول قال البخاري ما كتبت في كتاب الصحيح حديثا الا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين وقال أبو على الغساني روى عنه أنه قال خرجت الصحيح من ستمائة ألف حديث وروى الإسماعيلي عنه قال لم أخرج في هذا الكتاب الا صحيحا وما تركت من الصحيح أكثر"
ثم تحدث الهرساوى عن شخصية البخارى فقال :
"القسم الثاني: شخصية البخاري
شخصية محمد بن اسماعيل البخاري من وجه نظر رجالية هناك توثيقات كثيرة له، كما ذكر أيضا اسمه في طبقات المدلسين وتدليسه ورد على لسان جماعة من المحدثين منهم ابن حجر في «طبقات المدلسين»، «تبيين اسماء المدلسين» لسبط بن العجمي طبع في كراس ذكر فيه محمد بن اسماعيل البخاري وجماعة من مشايخه
وبالطبع هذا بحث رجالي في أن تدليس الائمة مضر أم لا، فيناقش في محله "
للأسف الشديد فإنه لا يوجد أحد من الرواة من أعظمهم إلى أصغرهم لم يتهم بتهمة ما وكلامه عن وجود البخارى فى المدلسين صحيح حيث قال ابن حجر فى طبقات المدلسين" 23 - ق س محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الامام وصفه بذلك أبو عبد الله بن مندة في كلام له فقال فيه اخرج البخاري قال فلان وقال لنا فلان وهو تدليس ولم يوافق بن مندة على ذلك والذي يظهر أنه يقول فيما لم يسمع وفيما سمع لكن لا يكون على شرطه أو موقوفا قال لي أو قال لنا وقد عرفت ذلك بالاستقراء من صنيعه"
وبالقطع اختلف القوم هنا وهناك فى الأضرار ولو طبقنا كل كتب المتكلمين لن يوجد حديث صحيح واحد عند أى مذهب
ثم تحدث الهرساوى عن مهارضة البخارى لأبى حنيفة فقال :
"القسم الثالث: معارضة البخاري لفقه أبي حنيفة:
ويبحث في هذه المسألة فقه أبي حنيفة، وخلافات أهل الحديث وأهل الرأي بهذا الخصوص
رأى المحدثون انتشار الصحابة بعد النبي في البلدان، وتحديثهم الناس بقدر ما سمعوه من أحاديث النبي (ص)، فاذا صادفهم شيء لم يسمعوا فيه من النبي (ص)حديثا فأما توقفوا حتى استفتوا أهل المدينة عنه، أو يعملون بآرائهم الشخصية، ففتح بذلك أبواب الرأي والنظر
وعبد الله بن مسعود من الذين قدموا الكوفة فلم يكن على غرار الصحابة في موقفه، فقد كان يحدث ما سمعه عن النبي (ص) فاذا صادفته مسألة لم يسمع فيها حديثا أشار إلى ذلك بقوله: أقول برأيي، فهو إذن اجتهاد منه وجاء بعد ابن مسعود تلميذه علقمة الذي سار على خطى معلمه،وجاء بعد علقمة إبراهيم النخعي، وبعد إبراهيم حماد بن أبي سليمان، وبعد حماد جاء أبو حنيفة وقد صعد أبو حنيفة من اتجاه أهل الرأي في دمجه الاجتهاد بالقياس فمثلا قوله: إن أبا هريرة لم يكن مجتهدا، وكان يسمع أحاديث النبي (ص) فقط، ولا علم له بالناسخ والمنسوخ، وإذن فلم يكن مجتهدا ولا طائل من وراء رواياته وينسحب رأيه أيضا على بعض رواة الحديث مثل طاووس اليماني وعطاء بن أبي رباح وطعنه على بعض التابعين
ومن هنا فقد انتشر فقه أبي حنيفة في البلدان وتلقفه الناس دونما اعتراض حتى بلغ ذروة انتشاره في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث وقد أثار ذلك حنق المحدثين، فقد أعتبروا «صيادلة» في قبال الفقهاء الذين هم «أطباء» فالأطباء من طبقة أبي حنيفة هم القادرون على استنباط الاحكام الفقهية، والافادة من نبوغهم الفكري ولأن أبا حنيفة يقول بصحة الحديث الذي يقول: «من كذب علي متعمدا » ولذا خطأ العمل بالأخبار قائلا بأن العقل هو حجة الباطن وملاكه في الافتاء رأيه الذاتي في تصويب حديث ورواية ما، إضافة إلى الاستناد إلى آيات القرآن ولا حاجة لاعتماد أخبار الاحاد هذا هو فكر أبي حنيفة وحجته الشرعية، فهو لا يريد كما يزعم التورط في الكذب على النبي(ص) لانه غير واثق من صحة الروايات والأحاديث النبوية، ولذا كان لديه كم ضئيل من الاخبار الصحاح في رأيه، مما جعله يتشبث بالقياس وقد دفع إعلانه حول المحدثين واعتبارهم صيادلة مقابل الفقهاء دفع بالمحدثين إلى اللجوء إلى أجهزة الدولة والإفادة من سلطات الخلفاء في قمع أهل الرأي
ومن هنا فأنا أوصي بمطالعة التاريخ، لأنه ينطوي على كثير من الحقائق التي تلقي الضوء على المسار الفكري والحركة الفقهية في تاريخ الإسلام، وسوف نواجه من خلال ذلك صورا مؤلفة من ثلاثة أبعاد، ويجب أن ندقق في هذه الصور جيدا، لتبدو الصورة الحقيقية في كيفية تدوين تاريخ الإسلام؟ وكيف اتجهت المسيرة الفكرية والفقهية؟ وكيف وصل كل ذلك إلى أيدي المسلمين؟فمثلا ورد في التاريخ أن أول من نهض ضد أبي حنيفة هو عبد الله بن الزبير الحميدي في مكة، وهذا الاخير وصفه البخاري: شيخ كبير كثير الرواية، ولعبد الله الحميدي هذا كتاب «مسند الحميدي» مطبوع وموجود في المكتبات ويعد الحميدي من أبرز ثقات المشايخ الذين اعتمدهم البخاري في الرواية وهناك امتياز للحميدي في الصحيح حيث يتعدى الرواية عنه، وخلو الكتاب من مقدمة، والرواية عن الحميدي هي بمثابة افتتاحية للكتاب وخطبة له، كما يشرع كتابه: بسم الله وبعدها: حدثنا الحميدي والحميدي هذا وكما نقل الخطيب البغدادي في تاريخه والذهبي في تاريخ الإسلام والسير: أنه شيخ الحرم كان يجلس في المسجد الحرام ويحدث فإذا وصل إلى ذكر أبي حنيفة قال: «أبو جيفة» فهو يعبر عن أبي حنيفة ـ بأبي جيفة!!ومن هنا يمكن الاستنتاج بأن البخاري إنما يريد من وراء ذلك الاعلان عن موقفه من أبي حنيفة كما أن البدء برواية حديث «النيات»يؤكد ذلك، لان الاحناف يشكلون على هذا الحديث وشموليته في أحكام العبادات والمعاملات!وقد كرر البخاري ذلك الحديث سبع مرات ، ليؤكد نافذيته في المعاملات والنكاح وحتى في الطلاق هناك مسألة هامة في هذا الموضوع، وهي كتاب الحيل الذي لم يكتب فيه أي من محدثي أهل السنة
فأبو حنيفة أو بعض تلاميذه ربما كان الشيباني أو أبو يوسف، إذ دون أحدهم كتابا بعنوان «كتاب الحيل»، وهو يشتمل على طرق الالتفاف على الأحكام وبكلمة واحدة تحليل الحرام فهناك أحكام تنص على حرمة موضوع معين، ولكن عند تغيير الموضوع فان حكم الحرمة سوف يتغير بالتبع، فمثلا في باب الزكاة فهي مثلا تجب عند اكتمال النصاب، ولكن أبا حنيفة يفتح بابا للهروب من دفع الزكاة بأن يعمد صاحب المال الى هبة ابناءه جزء منه فيخرج المال قبل حلول رأس السنة بليلة واحدة من حد النصاب، وهكذا في كثير من المسائل الاخرى التي وضعت لها طرق التفاف على الموضوع والحكم بصورة مدهشة
وقد سبب هذا الاتجاه رد فعل عنيف لدى أهل الحديث، الذي عدو اهمال الحديث النبوي اهانة كبرى
وقد أسفر موقفهم عن تأليف كتاب الحيل، وقد تم ذلك على يد محمد بن اسماعيل البخاري، حيث بدأه بحديث الأعمال بالنيات فأصبح الملاك في العمل النية في العبادات والمعاملات، سواء بقي الموضوع أو تغير، فالنية هي وحدها الاساس في العقاب والثواب الالهي وهل أن نيتي من وراء هذا الفعل مثلا ضرب النصاب الموجب للزكاة للفرار من أدائها فان فعلا كهذا سيكون حراما غير أن أبا حنيفة يرى ألا مدخلية للقصد والنية في ذلك، ومن هنا برزت الحاجة إلى إجراء مقارنة بين فقه أبي حنيفة وروايات صحيح البخاري، حيث تظهر بوضوح العلاقة خاصة في كتاب الحيل
وذكر البخاري أئمة المذاهب الاربعة بالاسم باستثناء أبي حنيفة، فقد ذكر اسم الشافعي صراحة وذكر اسم أحمد بن حنبل ومالك، ولكنه عندما يتعرض إلى أبي حنيفة فانه يكني عنه بهذه العبارة: «وقال بعض الناس» أو «قول بعض الناس» وقد ورد هذا التعبير 27 مرة، أربع عشر منها في كتاب الحيل وحده ويؤكد الشارحون أن هذه العبارة هي كناية عن أبي حنيفة وبعض تلامذته كالشيباني وأبي يوسف
والجدير ذكره في هذا الموضوع أن البخاري قد شدد بصورة أخرى على أبي حنيفة في كتاب الهبة، فانه بعد عبارته: «وقال بعض الناس، يصرح أن ما يقوله «بعض الناس» يعد مخالفة لسنة النبي (ص)
وفي الكتاب الذي ذكر في أسماء الكتب تحت عنوان «الضعفاء والمتروكين» للبخاري يورد ابن عبد البر لعن أبا حنيفة ، وفي التاريخ الاوسط المطبوع مواضع أخرى عن قول نعيم بن حماد المروزي وهو من مشايخ البخاري، وهذه مسألة هامة في تأثر البخاري بشيوخه وهناك مزاعم حول انتماء محمد بن اسماعيل البخاري إلى المذهب الحنفي حتى وصوله مكة، فالمذهب الحنفي هو المذهب السائد في بخارى ومرو وخراسان بشكل عام، والفقه الحنفي هو الفقه المعمول به في تلك الاقاليم كما أن آباء البخاري كانوا أحنافا، باستثناء جده الثالث الذي كان مجوسيا في الاصل
فمذهب البخاري كان في البدء على مذهب أبي حنيفة، ولكنه انتقل إلى الشافعي لدى وروده مكة، وهو كما يقال قد تلقاه عن شيوخه فمن شيوخه نعيم بن حماد المروزي، ونعيم هذا كان من شيوخ البخاري بلا واسطة، وهو وضاع للحديث يفعل ذلك من أجل تعزيز موقع السنة فابن حجر ومعه الذهبي يقولان بأن نعيم المروزي وضاع للحديث في تقوية السنة وقد وضع الأحاديث نكاية بأبي حنيفة، وهي مزورة تفتقد إلى الصحة، ومسألة تأثر البخاري بشيوخه تصل إلى تبلور عقائده وافكاره، فهو متأثر بكل من حسين الكرابيسي وابن كلاب كما نجد ذلك في فتح الباري، وعندما نبحث في ترجمة ابن كلاب نجده نصرانيا بل رأس الكلابية وهي فرقة من الفرق الكلامية وابن حجر يصرح بأن البخاري أخذ عقائده من هذين الشخصين وكلاهما مجروح لدى أهل الرجال
ومن الشيوخ الذين تأثر بهم البخاري في أفكاره وعقائده أبو بكر بن أبي شيبة صاحب كتاب «المصنف»، وله في الجزء الاخير كتاب سماه بـ«الرد على أبي حنيفة»، وفيه مسائل الخلاف بين أهل الرأي وأهل الحديث جمعها ابن أبي شيبة وطبع ويعتقد البعض أن البخاري في معارضة أبي حنيفة قد تأثر باسحاق ابن راهويه ونعيم بن حماد المروزي والحميدي وأبي بكر بن أبي شيبة هذا ولذا فان من يريد قراءة أفكار البخاري ينبغي عليه أن يأخذ ما ذكرنا بنظر الاعتبار، يعني يتعين عليه أولا أن يتعرف شيوخه وطبيعة عقائدهم، وما هي أفكارهم، ومواقعهم لدى الخلفاء المعاصرين لهم، ومدى استقلالية اتجاههم الفكري وعدم تأثرهم بمتبنيات وسياسة الخلفاء الفكرية
وهذه مسألة جوهرية جدا، لأنه من المستحيل البحث في فقه وحديث أهل السنة دون التحقيق في شكل العلاقة مع أجهزة الدولة والخلفاء، ولذا من الضروري بمكان دراسة سياسات الخلفاء الفكرية في العهدين الأموي والعباسي، خاصة الفترات التي شهدت عملية تدوين الحديث
ومن الضروري أيضا التركيز على الخليفة العباسي المتوكل الذي مارس سياسة اتسمت بالإرهاب والعنف الجنوني، حتى وصلت سياسته العدائية لعلي وأبناءه مثلا إلى أن يقدم علي بن الجهم الشاعر ـ ومن ندماء المتوكل ـ على شتم أبيه لأنه سماه عليا!! واذن، فان المتوكل كان يقود بنفسه ومعه امكاناته الضخمة تيارا ناصبيا تجلى واضحا في إقدامه على تدمير مرقد الحسين وتسويته بالتراب وحرث الارض وغمرها بالمياه، كما فرض حصارا رهيبا حول المنطقة ومنع المسلمين من زيارة سبط النبي (ص)وريحانته
إن دراسة هذه الفترة السوداء ضرورية عند دراسة شيوخ البخاري وفي دراسة صحيح البخاري أيضا"
فيما سبق نجد الهرساوى خرج عن موضوع القسم وهو معارضة البخارى لأبى حنيفة بلا سبب كتكلمه فى النهاية عن دور المتوكل العباسى وتكلمه عن شيوخ البخارى وانحرافهم وتأثره بهم وأيضا تحدثه عن كتاب الحيل فى المذهب الحنفى وهو ليس له دخل فى الموضوع لكونه ليس من تأليف أبى حنيفة
المفترض هو أن يقدم أدلة قالها البخارى فى كتبه نفسها عن المشكلة ولكننا لا نجد أى قول ورد فى كتبه المعروفة حاليا عن الموضوع فما نقله الهرساوى هو عن كتب أخرى ولا أدرى صحة النقل فالكتب الموجودة تحت اسم الضعفاء والمتروكين ليس للبخارى منها كتاب فى المكتبة الشاملة السنية وقد قال الهرساوى عنه أنه مفقود ومن ثم لا قيمة للنقل حتى يثبت الكتاب وما فيه
وأما قوله أنه كان يقول أبى حنيفة قال بعض الناس فلا يثبت شىء عن المعارضة بينهما وفى كتب الملل والنحل والفرق نجد سر دفاع المؤلف عن أبى حنيفة فالرجل معدود من رجال الشيعة والذين أوذوا وعذبوا بسبب مناصرة العلويين
وفى القسم الرابع تحدث عن أهل الحديث فى القرون ألولى فقال :
"القسم الرابع:دراسة تاريخ أهل الحديث في القرون الثلاثة
هنا ينبغي دراسة أفكار محمد بن اسماعيل البخاري وطبقة أهل الحديث تاريخيا، خاصة في عهد المتوكل العباسي، باعتباره أول من أظهر السنة كما ورد ذلك في تاريخ الرجال، فهو أول خليفة نقض سيرة آبائه وأجداده، فاستخدم طبقة من المحدثين ووهبهم الجوائز والمرتبات المغرية في الرد على المعتزلة والجهمية، فانتشرت في عهده أخبار التجسيم والتشبيه، فكان البخاري في طليعة من ضبط هذه الأخبار التي أخذها عن مشايخه دون واسطة فابنا أبي شيبة محمد بن عبد الله بن محمد بن شيبة وعثمان بن أبي شيبة هما أخوان ومن المكثرين في رجال البخاري فهؤلاء من هذه الطبقة التي اغدق عليها المتوكل بجوائزه لوضع الاخبار في الرد على أخبار المعتزلة والجهمية، إذ جلسوا يحدثون الناس في مسجد الرصافة ومدينة المنصور
يقول الذهبي: «أنه أشخص الفقهاء والمحدثين، فكان فيهم: مصعب الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإبراهيم بن عبدالله الهروي، وعبدالله وعثمان ابني محمد بن أبي شيبة، فقسمت بينهم الجوائز، وأجريت عليهم الارزاق، وأمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس ويحدثوا بالاحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية، وأن يحدثوا بالاحاديث في الرؤية فجلس عثمان بن محمد بن أبي شيبة في مدينة أبي جعفرالمنصور، ووضع له منبر واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألف من الناس، وجلس أبو بكر بن أبي شيبة في مسجد الرصافة، وكان أشد تقدما من أخيه عثمان، واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألف»
بالقطع لا يوجد طبقا لكلام الله شىء اسمه الحديث أو سنة النبى (ص) أو الأخبار فالموجود كان البيان كما قال تعالى" إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه" وهو تفسير القرآن وهو الذكر وهو وحى كلامى لا علاقة له بالأفعال والتقريرات وغيرها وفيه قال تعالى" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
وفى القسم الأخير تكلم عن الإسرائيليات فقال:
"القسم الخامس: الاسرائيليات في صحيح البخاري:
للوهلة الاولى يبدو الموضوع مدهشا لا يصدق، فهل يمكن لكتاب يورد لعنا في بعض أبوابه لليهود والنصارى أن يتضمن ترويجا لهم في بعض أبوابه؟ كما هو الحال في باب الذبائح في الرواية التالية
وفي كتاب «الذبائح» نسب إلى النبي (ص) أكل لحوم ما ذبح على الاصنام! فروى«حدثنا معلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز ـ يعني ابن المختار أخبرنا موسى بن عقبة قال: أخبرني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن رسول الله: أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح ـ وذاك قبل أن ينزل على رسول الله الوحي ـ فقدم إليه رسول الله سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها، ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم لا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه»
وهذا ما نلاحظه أيضا في الرواية التي تقول:
1ـ حدثني إبراهيم بن المنذر: حدثنا محمد بن فليح، حدثني أبي، عن هلال بن علي من بني عامر بن لؤي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي(ص) قال: «من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب»
وكذا قوله:
2ـ حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، عن عبدالعزيز بن أبي سلمة، عن عبدالله بن الفضل، عن الاعرج، عن أبي هريرة قال: بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر فسمعه رجل من الانصار فقام فلطم وجهه، وقال: تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبى(صلى الله عليه وسلم) بين أظهرنا!
فذهب إليه فقال: يا أبا القاسم! إن لي ذمة وعهدا فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: «لم لطمت وجهه»؟ فذكره، فغضب النبى(صلى الله عليه وسلم) حتى رؤى في وجهه ثم قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله; فانه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات و من في الارض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه الاخرى فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش! فلا أدري أحوسب بصعقتة يوم الطور؟ أم بعث قبلي؟! ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى»!!
3ـ وفي رواية «كتاب الرقاق»: فقال رسول الله (ص) «: لا تخيروني على موسى; فان الناس يصعقون يوم القيامة الخ»
4ـ وروى في أكثر من سبعة موارد، قوله: «لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى»
5ـ وفي كتاب «الخصومات» فقال: «لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة الخ»
وفي الشروح على هذه الرواية وفي تأويلها تكلم المحب والمبغض، فلم يقدر أحد منهم أن يدافع عنه في ذلك، وإنهم قد ابتلوا بالمغالطات البينة الواضحة ; حتى لقد سلك بعضهم سبيل من لا يدافع عنه، فصرح بالبطلان
اعترف الحافظ ابن حجر بأنها تدل على فضيلة موسى على النبي (ص)، وقال: «فإن كان أفاق قبله فهي فضيلة ظاهرة، وإن كان ممن استثنى الله فلم يصعق فهي فضيلة أيضا »ولا شبهة لمسلم في أن النبي الخاتم (ص) أفضل الانبياء وأشرفهم في الدنيا والاخرة، وشريعته خاتمة الشرائع وناسختها; وان هذا وأمثاله يشكل احراجا شديدا لمن يعتقد بصحة البخاري، وهذا ما دفع بالنهاية ابن حجر في «فتح الباري» إلى الاعلان عن هذه الرواية تؤكد أفضلية النبي موسى على سيدنا محمد (ص)، وهو خلاف الاجماع الذي تؤكده جميع الفرق الإسلامية وهناك أيضا رواية المعراج وقد أثارت الرواية جدلا لدى شارحي البخاري، لأن قبولها يعني تأكيد أعلمية موسى من نبينا (ص) بأمته، وهي تصرح ذلك علنا في قول موسى: أنا أعلم بالناس منك"
الروايات التى يقول عنها اسرائيلية هى الروايات التى تناقض روايات تفضيل العلويين وفاطمة فى المذهب الشيعى والروايات عند كل الفرق تخالف كتاب الله فى قوله على لسان المؤمنين " لا تفرق بين أحد من رسله" وقوله " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"
فالرسل(ص) جميعا فى مرتبة واحدة عند المسلمين لا تفاضل بينهم لأن الله لم يذكر من المفضل على من فى القرآن فجملة " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض" مبهمة وهى ليست فى المكانة وإنما فى عطايا الدنيا
ثم تكلم عن الهرساوى عن أشياء لم يضعها فى الأقسام الخمسة التى قسم البحث لها وقد سبق أن تناولها فى الأقسام الخمسة فقال :
"وهناك قضايا أخرى من هذا القبيل يعج بها صحيح البخاري، ويتطلب التطرق اليها وقتا طويلا وسلسلة من اللقاءات المنظمة والمسندة بالوثائق المؤيدة ان شاء الله
ملحق البحث:
-"استخدام البخاري عبارة «بعض الناس» في كتابه:
العبارة تكررت «27» مرة في باب الزكاة «في الركاز» يعني دفينة الجاهلية، وفي البيع والاكراه والنكاح والشفعة والهبة، وأربعة عشر مرة في باب الحيل وحده "
ذكر هذا فى موضوع معارضة البخارى لأبى حنيفة
-"التمييز بين ما كتبه البخاري في صحيحه وما أضافه تلامذته:
لا توجد حدود واضحة للتمييز، ولكنهم يقولون إنها موارد كثيرة، لان المبيضات في الاصل كانت كثيرة، لان البخاري نفسه لم يوردها تحت العناوين التي ثبتها واكتفى بترجمة العنوان، وما يزال بعض العناوين هكذا "
سبق مناقشة ذلك فى الحديث عن الكتاب المسمى الصحيح
-"المعيار في اعتبار بعض الروايات مجرد تعليقات:
التعليقات في الحقيقة روايات تفتقد الى السند أو المنقطعة السند، وهي تشتمل على ألف وثلاثمائة وواحد وأربعون حديث، وهي نسبة تصل مع الشواهد والمكررات إلى نصف الكتاب تقريبا، وبهذا يصبح صحيح البخاري مستحلا على أربعة آلاف حديث كما ذكر في كتب الحديث
قيمة تعليقات البخاري:
لا تعتبر تعليقات البخاري جزءا من صحاح الاحاديث، وقد ألفت في هذا عدة كتب بحثت في تعليقات البخاري، ففي حديث «المعازف» مثلا ردا على ابن حزم الاندلسي بحث تفصيلي في عدم حجية تعليقات البخاري، وكذا في موارد أخرى
طريقة البخاري في تثبيت العناوين:
يقال إن البخاري لدى بدئه تصنيف الكتاب أورد أولا التراجم، يعني العناوين، ثم إذا وجد رواية ثبتها تحت عنوانها، وإذا لم يجد آية أو رواية تناسب تلك العناوين يتركها
ولذا نجد في بعض الموارد عناوين دون روايات، وهناك كتب خاصة ألفت عن تراجم البخاري منها: «المتواري على تراجم أبواب البخاري»، صنفه أحمد بن محمد الاسكندراني المعروف بابن المنير المتوفى سنة 683هـ، حيث نشاهد بوضوح موارد متعددة لا نجد فيها أية رابطة بين العنوان والروايات الواردة في ذيله "
سبق مناقشة ذلك فى الحديث عن الكتاب المسمى الصحيح
ومما سبق نجد :
ان كل فرد من مذهب يحاول النيل من المذهب الأخر بغض النظر عن العدل وفى سبيل هذا يبعدون عن القرآن لأنه يبين كذب المذاهب
الكتاب تأليف حسين غيب غلامي الهرساوي وهو من المعاصرين وموضوع الكتاب البخارى وصحيحه وهو قوله:
" وإذ أقف أمام حضرات السادة الاجلاء محاضرا وبإيجاز حول البخاري وكتابه المشهور بالصحيح وسائر كتبه الاخرى فانني أشعر بالاعتزاز والتقدير"
وقد تحدث الهرساوى عن الكتب الموجودة للبخارى خاليا فقال :
" يمكن القول إن كتب البخاري مصنفة في ثلاثة محاور:ـ فقهية ـ رجالية ـ كلامية فالبخاري ألف فيها كتبا عديدة يمكن حصرها في ثمانية عشر كتابا موزعة كما يلي:
ـ أربعة كتب في الفقه والحديث: أحدها صحيح البخاري، والثاني رفع اليدين في الصلاة، فقه القراءة خلف الامام، وكتاب رابع مفقود هو كتاب الهبة، كتبه مستقلا مشتملا على خمسمائة حديث
أما كتبه الرجالية فهي ثلاث كما هو المتوفر لدينا وكتاب آخر في الضعفاء وهو مفقود; فكتبه في الرجال هي: 1 ـ تاريخه الكبير والاوسط 2 ـ تاريخه الصغير والأول مطبوع في مجلدات، والثاني في مجلدين، والثالث طبع بشكل كراس"
ثم تحدث عن كون كتابه خمسة أقسام فقال :
"نستطيع تقسيم حديثنا في مسألة البخاري وبحسب تقسيمه هو إلى خمسة أقسام على الاقل فيما يخص هذه المناسبة، لأننا لو أردنا البحث في زوايا المسألة لاستغرق الوقت أكثر مما هو مخصص فعلا ساعة واحدة لأننا لو بدأنا الحديث مثلا في صحيح البخاري وتناولنا كلمته الاولى وهي: «حدثنا الحميدي» فقط، فربما استغرق منا ذلك سنة بلياليها، لان «حدثنا الحميدي» هي أساس المصائب
وأما الأقسام الخمسة فهي:
الأول: عناوين الصحيح وأبوابه ورجاله وإسناده ورواياته
الثاني: في شخصيته وسيرته الذاتية وموقعه في علم الرجال ومنزلة مروياته
الثالث: معارضة البخاري لفقه أبي حنيفة والأحناف وتناقضه كمحدث مع أهل الرأي، حتى يمكن القول ان كتبه الفقهية جميعا إنما جاءت ردا على أبي حنيفة
الرابع: التأمل ودراسة تاريخ أهل الحديث في القرون الاول والثاني والثالث
الخامس: إخبار اليهود والاسرائيليات التي تغلغلت في أخبار المحدثين خاصة في صحيح البخاري، إذ أننا نجد نفوذ الاسرائيليات في أحاديث الصحيح، حيث يتجلى التفكير اليهودي في تفضيل موسى (ص)على نبينا محمد (ص)، ونقل حكايات لا تليق بمقام الانبياء والرسلهذه خمسة أقسام وزعنا عليها المواضيع "
وقد استهل الكلام بالقسم الأول وهو صحيح البخارى فقال :
"القسم الأول: صحيح البخاري:
فيما يخص القسم الاول الذي يتعلق بصحيح البخاري ينبغي أن نعرف أن مؤلفه صنفه في مدة تتراوح بين ستة عشر إلى ثمانية عشر عاما، زاعما أنه كان يغتسل ويتوضأ ويصلي ركعتين قبل أن يدون كل حديث فيه، وهذا يعني أن كل ما يرد فيه من أحاديث لا يعتورها سهو أو نسيان أو خطأ، فهناك إرادة حرة في جمعه الاحاديث وضبطها على أن هناك مسألة هامة، وهي أن الصحيح لم يكتمل على يد مؤلفه محمد بن إسماعيل البخاري، وإنما اكتمل على يد اثنين من تلامذته: محمد بن يوسف الفربري ومحمد بن ابراهيم المستملي، وهما يصرحان بذلك قائلين إنهما شاهدا في الصحيح أوراقا بيضاء «فأضفنا»، فهذا ما نجده في مقدمة فتح الباري التي فصل فيها ابن حجر ولم يرد على ذلك معترفا بوجود بياض في صحيح البخاري وأنه أضيف إليه
وقال الباجي أيضا: «ومما يدل على صحة القول: أن رواية أبي إسحاق المستملي، ورواية أبي محمد السرخسي، ورواية أبي الهيثم الكشميهني، ورواية أبي زيد المروزي، مختلفة بالتقديم والتأخير، مع أنهم استنسخوا من أصل واحد; وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما، فأضافه إليه، ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث وبه يعلم سبب اختلاف نسخ «الصحيح» وغموض المطابقة بين الترجمة والحديث في بعض المواضع"
الهرساوى هنا لم ينقل ما قيل عن الفربرى والمستملى كاملا و‘نما نقل المعنى واكتفى بكلمة فأضفنا كى بوهم المستمعين والقراء أنهم من كتبوا العديد مما جاء فى الكتاب أى كتبوا من عند أنفسهم بينما الرواية فى فتح البارى تقول:
"قال حدثنا الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملى قال انتسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند صاحبه محمد بن يوسف الفربري فرأيت فيه أشياء لم تتم وأشياء مبيضة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا ومنها أحاديث لم يترجم لها فأضفنا بعض ذلك إلى بعض"
فعبارة فأضفنا بعض ذلك إلى بعض تدل غلى غير ما اراده الهرساوى فهم ضموا الأوراق لبعضها مع نقصها فى عدد من المواضع ومن ثم تبدو بعض المواضع غير مفهومة أو ناقصة مثل باب كذا وليس فيه رواية لأن الكتاب لم يكتمل
وقد بين الهرساوى أن هناك أدلة على أن بعض الكتاب ليس من كتابة البخارى كالرواية التى يوضع فيها اسمه كراوية فقال :
" على أن كثيرا من العلماء المحققين خدموا تراجمه على حدة في كتاب خاصة، كالقاضي ناصر الدين بن المنير والقاضي بدر الدين بن جماعة، ومحمد بن حمامة السلجماسى، في كتاب سماه: «فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة»، ولابي عبدالله البستي كتاب سماه: «ترجمان التراجم»، وصل فيه إلى كتاب «الصيام»، دع عنك ما بينه الشراح» كما أننا نجد روايات يرد فيها محمد بن إسماعيل البخاري كحلقة في سلسلة الرواة والاسناد; بمعنى أن المؤلف يتحول إلى راو للحديث فقط كما هو الحال في كتاب العلم:وهناك مسألة أخرى: هي تعدد نسخ البخاري، إذ يؤكد بعض المحدثين من أهل السنة وجود روايات نسبت إلى الصحيح لا توجد في نسخه الاخرى أكتفي ولضيق الوقت بذكر بعض النماذج:
في استحباب الشرب بكأس النبي (ص)، إذ يورد ابن حجر قول البخاري: رأيت كأس النبي (ص) بالبصرة فشربت منه وهذه ليست موجودة في النسخة التي بين يديه، ويذكر وجودها في نسخة القرطبي وهناك أيضا رواية «زنا قردة في الجاهلية ورجمها»، وقد وردت في نسخ صحيح البخاري بزيادة ونقصان وترى في هذه العبارة: خلو بعض النسخ في عصر الحميدي من هذه الرواية; مع ما نرى في النسخ الموجودة المطبوعة ورودها في كتاب «بدء الخلق» في مناقب الانصار، باب «أيام الجاهلية»
وروى ابن الاثير أيضا: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية» وقال: قال الحميدي: في هذا الحديث زيادة مشهورة لم يذكرها البخاري أصلا من طريقي هذا الحديث، ولعلها لم تقع إليه فيهما، أو وقعت فحذفها لغرض قصده في ذلك وأخرجها أبو بكر البرقاني، وأبو بكر الاسماعيلي قبله، وفي هذا الحديث عندهما: أن رسول الله قال: «ويح عمار تقتله الفئة الباغية; يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» قال أبو مسعود الدمشقي في كتابه: «لم يذكر البخاري هذا الزيادة » وعدم ذكر البخاري الذيل المذكور في حديث عمار في إحدى الاحتمالات عند الحميدي (فحذفها لغرض) وهو أمر يبحث عنه في ترجمة البخاري نفسه وعقيدته ومذهبه وإنما أخرج البخاري حديث «ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» وفي صحة حديث عمار قال ابن عبدالبر: «تواترت الاخبار بذلك وهو من أصح الحديث، وقال ابن دحية: لا مطعن في صحته، ولو كان غير صحيح لرده معاوية»
وفي تخريج الزركشي على أحاديث الرافعي ذكر الفاظ هؤلاء المخرجين للحديث، وقيل عن ابن دحية أنه قال: كيف يكون فيها اختلاف، وقد رأينا معاوية نفسه حين لم يقدر على انكاره قال: إنما قتله من أخرجه! ولو كان حديثا فيه شك لرده وأنكره، وقد أجاب علي عن قول معاوية بأن قال: فرسول الله (ص) قتل حمزة حين أخرجه وهذا من علي إلزام لا جواب عنه، انتهى بلفظه"
وقال الزركشي: وقد صنف الحافظ ابن عبدالبر جزءا سماه «الاستظهار في طريق حديث عمار» وقال هذا الحديث من إخبار النبي (ص) بالغيب وأعلام نبوته، وهو من أصح الاحاديث، ثم قال الزركشي: عمارا كان مع علي وقتله أصحاب معاوية وقال ابن الوزير: وأما ترك البخاري لأول الحديث فغير قادح; لان آخره أشد وعيدا من أوله، ولعله ترك أوله تقية من المتعصبين، فقد ثبت في ترجمته أنه امتحن، وذكر ابن حجر أنه مات وكتابه مسودة لم تبيض، ثم قال: ويدل على تقية البخاري في شأن عمار، أنه لم يذكر حديثه هذا في مناقبه وفي صحيحه، وإنما احتال لذكره في مواضع لا ينتبه الطلبة فيها، مثل باب: مسح الغبار في كتاب «الجهاد» والتعاون في بناء المساجد في كتاب «الصلاة» موهما أنه ما أورده إلا للتعريف بهذه الاحكام المعلومة التي لا يهم محصل بايثارها على معرفة الحق من الباطل في فتنة أهل الإسلام، انتهى كلام المصنف في هوامش «التلخيص»
وقد علمنا أن ابن حجر أيضا علم ذلك من البخاري في تغيير مواضيع الكلمات حيث نبه عليها بعض الاحناف في تعريضه عليه: «ومن دأبه في كتبه لا سيما «فتح الباري» أنه يغادر حديثا في باب يكون مؤيدا للحنفية مع علمه به ثم يذكره في غير مظانه لئلا ينتفع به الحنفية» وعلى كل ذلك، قال ابن حجر في «فتح الباري» في الاعتذار للبخاري عن عدم إخراجه (ويح عمار تقتله الفئة الباغية) ما لفظه: إعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع، وقال إن البخاري لم يذكرها أصلا، وكذا قال أبو مسعود، قال الحميدي: لعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها
قال ابن حجر: قلت: يظهر لي أن البخاري حذفها عمدا، وذلك لنكتة خفية وهي أن أبا سعيد اعترف انه لم يسمع هذه الزيادة من النبي (ص)فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري; وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه: «فقال أبو سعيد: فحدثني أصحابي، ولم اسمعه من النبي (ص)أنه قال: يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية» ابن سمية وهو عمار وسمية اسم أمه وهذا الاسناد على شرط مسلم
ثم قال: وقد عين أبو سعيد من حدثه بذلك، فعن مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: حدثني من هو خير مني أبو قتادة فذكره، فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي (ص) دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الاحاديث، انتهى والعجب من الحافظ ابن حجر في قوله: «إنه حذفها البخاري بعد سماع أبي سعيد لها من النبي (ص) مع قوله: «حدثني أصحابي» وقوله: «حدثني من هو خير مني أبو قتادة» ولا يعلم أنهم يعلون حديثا بكونه لم يشافه النبي (ص) به الصحابي الذي رواه، أو بكون رواية سمعه من صحابي آخر يزكيه ويفضله على نفسه، فقوله: «إن حذفها دال على تبحر البخاري في الاطلاع على علل الاحاديث»!! أعجب، فاي علة أبداها؟ ويلزم على جعل هذه علة أن جميع رواية ابن عباس كلها معلولة، لتصريحهم بأنه لا يبلغ ما سمعه عن النبي (ص) مشافهة عشرين حديثا وكذلك غيره من صغار الصحابة
إذا عرفت هذا، فعذر المصنف للبخاري أرفع من عذر ابن حجر، ولابن حجر في شرح الحديث في «فتح الباري» كلام تمجه الاسماع، عند من له تحقيق واطلاع، وقد بنيا ما فيه في حواشيه وروايته عن أحمد صحة الحديث وأمثال ذلك
وما يثير الدهشة إنه ومع كثرة المناقشات في حذف رواية عمار المذكورة هو وجودها في النسخ التي بين أيدينا فمن أين مصدر ذلك إذن؟ وقد بحثنا في ذلك في كتابنا وقفة مع البخاري فراجع
ومن هنا يمكن القول أن ما يوجد بين دفتي البخاري وفي جميع مجلداته ليس كله من تصنيف محمد بن إسماعيل البخاري، وهذه نقطة أخرى"
ما ذكره الهرساوى هنا وهو وجود روايات فى الكتاب عن البخارى ليس صحيحا فرواية الكأس ليست مذكورة فى النسخ الموجودة من الكتاب وإنما ذكرها ابن حجر فى معرض كلامه عن وجود اختلافات بين بعض النسخ
وحكاية اختلاف نسخ الكتاب أمر عادى فى التراث المزور الذى ورثناه ليس عن المسلمين حقا وإنما ورثناه عن الكفار الذين افتروا ومعظمه ونسبوه أسماء المسلمين واو راجع الهرساوى كتب الحديث فى المذهب الشيعى لوجد نفس الخطأ الذى يتكلم عليه فمثلا فى كتاب الكافى للكبينى نجد تعليق المحقق ص 5 ج 1 " (5) من قولهم نشأت في بني فلان نشأ ونشوء ا، إذا شببت فيهم وفي أكثر النسخ [ والسبق عليه ] وفي بعضها [ والنشق ].
(6) في بعض النسخ [ خلقهم ]."
وفى ص7 ج1 نجد قول المحقق على أكبر الغفارى "(4) " انبثقت " يقال بثق الماء بثوقاً فتحه بأن خرق الشط وانبثق هو إذا جرى بنفسه من غير فجر. والبثق بالفتح والكسر: الاسم. كذا في المغرب. وفي بعض النسخ انبسقت بالمهملة. والبثوق في الكلام فاعل انبثقت. اي: انفرجت على اهل دهرنا شقوق هذه الاديان. (آت).
(5) " المستشنعة " أي: المستقبحة. وفي بعض النسخ " متشنعة ". وفي بعضها " مستبشعة ". "
وفى كتاب الاستبصار للطوسى نجد تعليق المحققين ص7ج 1
(1) نسخة في د ( بيده ).
(2) نسخة في ب و ج ( أصحابنا )."
وفى ص8 ج1 نجد التعليق على النسخ :
"(2) في ب و ح « لم ».
(3) زيادة في المطبوعة و ج.
(4) في ب و ج بعد أبي بصير « عن أبي عبد الله »"
إذا هذا العيب موجود فى معظم كتب التراث ذات النسخ المتعددة فى شتى المذاهب
ثم تحدث الرجل عن تسمية الكتاب بالصحيح فقال :
"والثالثة تتعلق بنفس الكتاب أيضا وهي مسألة تصحيحه، فالصحيح يعني إطلاق الصحة على جميع رواياته، مع أن تخصيص الاكثر في العمومات قبيحة، وفي الوقت الذي يؤكد فيه البعض خروج الاكثر أو القريب منها عن إطار الصحة وفيها: التعليقات، والتراجم، والشواهد، والمقرونات وتعليقات البخاري وهي على قسمين: تعليقات مجزومة معتبرة وتعليقات غير مجزومة ليست معتبرة، وهكذا المتابعات والشواهد والتراجم والمكررات، وجميعها يشتمل على نصف الكتاب تقريبا،وهذا العدد ليس قليلا، لانه يشكل علامة استفهام كبرى، فهل يبقى صحيح البخاري على صحته بعد إخراج هذا الكم؟
وهناك روايات البخاري التي تنقسم إلى أربعة أقسام:
1 ـ مسندات
2 ـ تعليقات
3 ـ متابعات
4 ـ شواهد، وهي في الاغلب من المرسلات
ولكل قسم منها حكمه الخاص وما ادعاه البخاري حول صحيحه ينحصر في الروايات المسندة، يعني اتصال السند بالمتون الخبرية، وما يخرج عن هذا العموم متابعات وشواهده وتعليقاته، ولذا فاننا وعندما نريد الاستدلال على صحيح البخاري فانه ينبغي الاشارة في الاستدلال إلى أي قسم من هذه الاقسام: الشواهد، التعليقات، المسندات؟
والمسألة الاخرى في هذا الكتاب، وتطرح بعنوان إشكال، وهي مسألة التراجم، والعناوين الواردة تحت الصحيح
هناك مقولة مشهورة تقول: إن فقه البخاري يكمن في تراجمه،وهذا يعني أن فقاهة محمد بن اسماعيل البخاري تستكشف من هذا القسم، أي تحسب من اجتهاداته وآرائه الفقهية، ومن المحتمل أن يكون هذا صحيحا أو غير صحيح
والمسألة الاخرى التي ترتبط بذلك الكتاب هي العناوين التي لم يرد تحتها أي من الروايات، يعني انحصارها في الترجمة فقط دون وجود ذكر للرواية ويعد هذا نقصا في الكتاب; وعادة ما يبرره البعض بأن البخاري يبتدأ عمله بادراج العنوان أولا فاذا وجد رواية سجلها وإلا فلا "
والغريب ان النسخ الموجودة ليس فيها اسم للكتاب فالرجل حسب النسخ الموجودة لم يسم كتابه الصحيح فبداية الكتاب " قال الشيخ الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري رحمه الله تعالى آمين"
ولو صدقنا رواية عدم الاكتمال فالرجل حتى ذلك الحين لم يسم كتابه فى الكتاب وكل ما قيل هو روايات اوردتها كتب أخرى كفاح البارى كما فى قوله :
"أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن نعيم سمعت خلف بن محمد البخاري بها يقول سمعت إبراهيم بن معقل النسفي يقول قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري كنا عند إسحاق بن راهويه فقال لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح وروينا بالإسناد الثابت عن محمد بن سليمان بن فارس قال سمعت البخاري يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة اذب بها عنه فسألت بعض المعبرين فقال لي أنت تذب عنه الكذب فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح وقال الحافظ أبو ذر الهروي سمعت أبا الهيثم محمد بن مكي الكشميهني يقول سمعت محمد بن يوسف الفربري يقول قال البخاري ما كتبت في كتاب الصحيح حديثا الا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين وقال أبو على الغساني روى عنه أنه قال خرجت الصحيح من ستمائة ألف حديث وروى الإسماعيلي عنه قال لم أخرج في هذا الكتاب الا صحيحا وما تركت من الصحيح أكثر"
ثم تحدث الهرساوى عن شخصية البخارى فقال :
"القسم الثاني: شخصية البخاري
شخصية محمد بن اسماعيل البخاري من وجه نظر رجالية هناك توثيقات كثيرة له، كما ذكر أيضا اسمه في طبقات المدلسين وتدليسه ورد على لسان جماعة من المحدثين منهم ابن حجر في «طبقات المدلسين»، «تبيين اسماء المدلسين» لسبط بن العجمي طبع في كراس ذكر فيه محمد بن اسماعيل البخاري وجماعة من مشايخه
وبالطبع هذا بحث رجالي في أن تدليس الائمة مضر أم لا، فيناقش في محله "
للأسف الشديد فإنه لا يوجد أحد من الرواة من أعظمهم إلى أصغرهم لم يتهم بتهمة ما وكلامه عن وجود البخارى فى المدلسين صحيح حيث قال ابن حجر فى طبقات المدلسين" 23 - ق س محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الامام وصفه بذلك أبو عبد الله بن مندة في كلام له فقال فيه اخرج البخاري قال فلان وقال لنا فلان وهو تدليس ولم يوافق بن مندة على ذلك والذي يظهر أنه يقول فيما لم يسمع وفيما سمع لكن لا يكون على شرطه أو موقوفا قال لي أو قال لنا وقد عرفت ذلك بالاستقراء من صنيعه"
وبالقطع اختلف القوم هنا وهناك فى الأضرار ولو طبقنا كل كتب المتكلمين لن يوجد حديث صحيح واحد عند أى مذهب
ثم تحدث الهرساوى عن مهارضة البخارى لأبى حنيفة فقال :
"القسم الثالث: معارضة البخاري لفقه أبي حنيفة:
ويبحث في هذه المسألة فقه أبي حنيفة، وخلافات أهل الحديث وأهل الرأي بهذا الخصوص
رأى المحدثون انتشار الصحابة بعد النبي في البلدان، وتحديثهم الناس بقدر ما سمعوه من أحاديث النبي (ص)، فاذا صادفهم شيء لم يسمعوا فيه من النبي (ص)حديثا فأما توقفوا حتى استفتوا أهل المدينة عنه، أو يعملون بآرائهم الشخصية، ففتح بذلك أبواب الرأي والنظر
وعبد الله بن مسعود من الذين قدموا الكوفة فلم يكن على غرار الصحابة في موقفه، فقد كان يحدث ما سمعه عن النبي (ص) فاذا صادفته مسألة لم يسمع فيها حديثا أشار إلى ذلك بقوله: أقول برأيي، فهو إذن اجتهاد منه وجاء بعد ابن مسعود تلميذه علقمة الذي سار على خطى معلمه،وجاء بعد علقمة إبراهيم النخعي، وبعد إبراهيم حماد بن أبي سليمان، وبعد حماد جاء أبو حنيفة وقد صعد أبو حنيفة من اتجاه أهل الرأي في دمجه الاجتهاد بالقياس فمثلا قوله: إن أبا هريرة لم يكن مجتهدا، وكان يسمع أحاديث النبي (ص) فقط، ولا علم له بالناسخ والمنسوخ، وإذن فلم يكن مجتهدا ولا طائل من وراء رواياته وينسحب رأيه أيضا على بعض رواة الحديث مثل طاووس اليماني وعطاء بن أبي رباح وطعنه على بعض التابعين
ومن هنا فقد انتشر فقه أبي حنيفة في البلدان وتلقفه الناس دونما اعتراض حتى بلغ ذروة انتشاره في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث وقد أثار ذلك حنق المحدثين، فقد أعتبروا «صيادلة» في قبال الفقهاء الذين هم «أطباء» فالأطباء من طبقة أبي حنيفة هم القادرون على استنباط الاحكام الفقهية، والافادة من نبوغهم الفكري ولأن أبا حنيفة يقول بصحة الحديث الذي يقول: «من كذب علي متعمدا » ولذا خطأ العمل بالأخبار قائلا بأن العقل هو حجة الباطن وملاكه في الافتاء رأيه الذاتي في تصويب حديث ورواية ما، إضافة إلى الاستناد إلى آيات القرآن ولا حاجة لاعتماد أخبار الاحاد هذا هو فكر أبي حنيفة وحجته الشرعية، فهو لا يريد كما يزعم التورط في الكذب على النبي(ص) لانه غير واثق من صحة الروايات والأحاديث النبوية، ولذا كان لديه كم ضئيل من الاخبار الصحاح في رأيه، مما جعله يتشبث بالقياس وقد دفع إعلانه حول المحدثين واعتبارهم صيادلة مقابل الفقهاء دفع بالمحدثين إلى اللجوء إلى أجهزة الدولة والإفادة من سلطات الخلفاء في قمع أهل الرأي
ومن هنا فأنا أوصي بمطالعة التاريخ، لأنه ينطوي على كثير من الحقائق التي تلقي الضوء على المسار الفكري والحركة الفقهية في تاريخ الإسلام، وسوف نواجه من خلال ذلك صورا مؤلفة من ثلاثة أبعاد، ويجب أن ندقق في هذه الصور جيدا، لتبدو الصورة الحقيقية في كيفية تدوين تاريخ الإسلام؟ وكيف اتجهت المسيرة الفكرية والفقهية؟ وكيف وصل كل ذلك إلى أيدي المسلمين؟فمثلا ورد في التاريخ أن أول من نهض ضد أبي حنيفة هو عبد الله بن الزبير الحميدي في مكة، وهذا الاخير وصفه البخاري: شيخ كبير كثير الرواية، ولعبد الله الحميدي هذا كتاب «مسند الحميدي» مطبوع وموجود في المكتبات ويعد الحميدي من أبرز ثقات المشايخ الذين اعتمدهم البخاري في الرواية وهناك امتياز للحميدي في الصحيح حيث يتعدى الرواية عنه، وخلو الكتاب من مقدمة، والرواية عن الحميدي هي بمثابة افتتاحية للكتاب وخطبة له، كما يشرع كتابه: بسم الله وبعدها: حدثنا الحميدي والحميدي هذا وكما نقل الخطيب البغدادي في تاريخه والذهبي في تاريخ الإسلام والسير: أنه شيخ الحرم كان يجلس في المسجد الحرام ويحدث فإذا وصل إلى ذكر أبي حنيفة قال: «أبو جيفة» فهو يعبر عن أبي حنيفة ـ بأبي جيفة!!ومن هنا يمكن الاستنتاج بأن البخاري إنما يريد من وراء ذلك الاعلان عن موقفه من أبي حنيفة كما أن البدء برواية حديث «النيات»يؤكد ذلك، لان الاحناف يشكلون على هذا الحديث وشموليته في أحكام العبادات والمعاملات!وقد كرر البخاري ذلك الحديث سبع مرات ، ليؤكد نافذيته في المعاملات والنكاح وحتى في الطلاق هناك مسألة هامة في هذا الموضوع، وهي كتاب الحيل الذي لم يكتب فيه أي من محدثي أهل السنة
فأبو حنيفة أو بعض تلاميذه ربما كان الشيباني أو أبو يوسف، إذ دون أحدهم كتابا بعنوان «كتاب الحيل»، وهو يشتمل على طرق الالتفاف على الأحكام وبكلمة واحدة تحليل الحرام فهناك أحكام تنص على حرمة موضوع معين، ولكن عند تغيير الموضوع فان حكم الحرمة سوف يتغير بالتبع، فمثلا في باب الزكاة فهي مثلا تجب عند اكتمال النصاب، ولكن أبا حنيفة يفتح بابا للهروب من دفع الزكاة بأن يعمد صاحب المال الى هبة ابناءه جزء منه فيخرج المال قبل حلول رأس السنة بليلة واحدة من حد النصاب، وهكذا في كثير من المسائل الاخرى التي وضعت لها طرق التفاف على الموضوع والحكم بصورة مدهشة
وقد سبب هذا الاتجاه رد فعل عنيف لدى أهل الحديث، الذي عدو اهمال الحديث النبوي اهانة كبرى
وقد أسفر موقفهم عن تأليف كتاب الحيل، وقد تم ذلك على يد محمد بن اسماعيل البخاري، حيث بدأه بحديث الأعمال بالنيات فأصبح الملاك في العمل النية في العبادات والمعاملات، سواء بقي الموضوع أو تغير، فالنية هي وحدها الاساس في العقاب والثواب الالهي وهل أن نيتي من وراء هذا الفعل مثلا ضرب النصاب الموجب للزكاة للفرار من أدائها فان فعلا كهذا سيكون حراما غير أن أبا حنيفة يرى ألا مدخلية للقصد والنية في ذلك، ومن هنا برزت الحاجة إلى إجراء مقارنة بين فقه أبي حنيفة وروايات صحيح البخاري، حيث تظهر بوضوح العلاقة خاصة في كتاب الحيل
وذكر البخاري أئمة المذاهب الاربعة بالاسم باستثناء أبي حنيفة، فقد ذكر اسم الشافعي صراحة وذكر اسم أحمد بن حنبل ومالك، ولكنه عندما يتعرض إلى أبي حنيفة فانه يكني عنه بهذه العبارة: «وقال بعض الناس» أو «قول بعض الناس» وقد ورد هذا التعبير 27 مرة، أربع عشر منها في كتاب الحيل وحده ويؤكد الشارحون أن هذه العبارة هي كناية عن أبي حنيفة وبعض تلامذته كالشيباني وأبي يوسف
والجدير ذكره في هذا الموضوع أن البخاري قد شدد بصورة أخرى على أبي حنيفة في كتاب الهبة، فانه بعد عبارته: «وقال بعض الناس، يصرح أن ما يقوله «بعض الناس» يعد مخالفة لسنة النبي (ص)
وفي الكتاب الذي ذكر في أسماء الكتب تحت عنوان «الضعفاء والمتروكين» للبخاري يورد ابن عبد البر لعن أبا حنيفة ، وفي التاريخ الاوسط المطبوع مواضع أخرى عن قول نعيم بن حماد المروزي وهو من مشايخ البخاري، وهذه مسألة هامة في تأثر البخاري بشيوخه وهناك مزاعم حول انتماء محمد بن اسماعيل البخاري إلى المذهب الحنفي حتى وصوله مكة، فالمذهب الحنفي هو المذهب السائد في بخارى ومرو وخراسان بشكل عام، والفقه الحنفي هو الفقه المعمول به في تلك الاقاليم كما أن آباء البخاري كانوا أحنافا، باستثناء جده الثالث الذي كان مجوسيا في الاصل
فمذهب البخاري كان في البدء على مذهب أبي حنيفة، ولكنه انتقل إلى الشافعي لدى وروده مكة، وهو كما يقال قد تلقاه عن شيوخه فمن شيوخه نعيم بن حماد المروزي، ونعيم هذا كان من شيوخ البخاري بلا واسطة، وهو وضاع للحديث يفعل ذلك من أجل تعزيز موقع السنة فابن حجر ومعه الذهبي يقولان بأن نعيم المروزي وضاع للحديث في تقوية السنة وقد وضع الأحاديث نكاية بأبي حنيفة، وهي مزورة تفتقد إلى الصحة، ومسألة تأثر البخاري بشيوخه تصل إلى تبلور عقائده وافكاره، فهو متأثر بكل من حسين الكرابيسي وابن كلاب كما نجد ذلك في فتح الباري، وعندما نبحث في ترجمة ابن كلاب نجده نصرانيا بل رأس الكلابية وهي فرقة من الفرق الكلامية وابن حجر يصرح بأن البخاري أخذ عقائده من هذين الشخصين وكلاهما مجروح لدى أهل الرجال
ومن الشيوخ الذين تأثر بهم البخاري في أفكاره وعقائده أبو بكر بن أبي شيبة صاحب كتاب «المصنف»، وله في الجزء الاخير كتاب سماه بـ«الرد على أبي حنيفة»، وفيه مسائل الخلاف بين أهل الرأي وأهل الحديث جمعها ابن أبي شيبة وطبع ويعتقد البعض أن البخاري في معارضة أبي حنيفة قد تأثر باسحاق ابن راهويه ونعيم بن حماد المروزي والحميدي وأبي بكر بن أبي شيبة هذا ولذا فان من يريد قراءة أفكار البخاري ينبغي عليه أن يأخذ ما ذكرنا بنظر الاعتبار، يعني يتعين عليه أولا أن يتعرف شيوخه وطبيعة عقائدهم، وما هي أفكارهم، ومواقعهم لدى الخلفاء المعاصرين لهم، ومدى استقلالية اتجاههم الفكري وعدم تأثرهم بمتبنيات وسياسة الخلفاء الفكرية
وهذه مسألة جوهرية جدا، لأنه من المستحيل البحث في فقه وحديث أهل السنة دون التحقيق في شكل العلاقة مع أجهزة الدولة والخلفاء، ولذا من الضروري بمكان دراسة سياسات الخلفاء الفكرية في العهدين الأموي والعباسي، خاصة الفترات التي شهدت عملية تدوين الحديث
ومن الضروري أيضا التركيز على الخليفة العباسي المتوكل الذي مارس سياسة اتسمت بالإرهاب والعنف الجنوني، حتى وصلت سياسته العدائية لعلي وأبناءه مثلا إلى أن يقدم علي بن الجهم الشاعر ـ ومن ندماء المتوكل ـ على شتم أبيه لأنه سماه عليا!! واذن، فان المتوكل كان يقود بنفسه ومعه امكاناته الضخمة تيارا ناصبيا تجلى واضحا في إقدامه على تدمير مرقد الحسين وتسويته بالتراب وحرث الارض وغمرها بالمياه، كما فرض حصارا رهيبا حول المنطقة ومنع المسلمين من زيارة سبط النبي (ص)وريحانته
إن دراسة هذه الفترة السوداء ضرورية عند دراسة شيوخ البخاري وفي دراسة صحيح البخاري أيضا"
فيما سبق نجد الهرساوى خرج عن موضوع القسم وهو معارضة البخارى لأبى حنيفة بلا سبب كتكلمه فى النهاية عن دور المتوكل العباسى وتكلمه عن شيوخ البخارى وانحرافهم وتأثره بهم وأيضا تحدثه عن كتاب الحيل فى المذهب الحنفى وهو ليس له دخل فى الموضوع لكونه ليس من تأليف أبى حنيفة
المفترض هو أن يقدم أدلة قالها البخارى فى كتبه نفسها عن المشكلة ولكننا لا نجد أى قول ورد فى كتبه المعروفة حاليا عن الموضوع فما نقله الهرساوى هو عن كتب أخرى ولا أدرى صحة النقل فالكتب الموجودة تحت اسم الضعفاء والمتروكين ليس للبخارى منها كتاب فى المكتبة الشاملة السنية وقد قال الهرساوى عنه أنه مفقود ومن ثم لا قيمة للنقل حتى يثبت الكتاب وما فيه
وأما قوله أنه كان يقول أبى حنيفة قال بعض الناس فلا يثبت شىء عن المعارضة بينهما وفى كتب الملل والنحل والفرق نجد سر دفاع المؤلف عن أبى حنيفة فالرجل معدود من رجال الشيعة والذين أوذوا وعذبوا بسبب مناصرة العلويين
وفى القسم الرابع تحدث عن أهل الحديث فى القرون ألولى فقال :
"القسم الرابع:دراسة تاريخ أهل الحديث في القرون الثلاثة
هنا ينبغي دراسة أفكار محمد بن اسماعيل البخاري وطبقة أهل الحديث تاريخيا، خاصة في عهد المتوكل العباسي، باعتباره أول من أظهر السنة كما ورد ذلك في تاريخ الرجال، فهو أول خليفة نقض سيرة آبائه وأجداده، فاستخدم طبقة من المحدثين ووهبهم الجوائز والمرتبات المغرية في الرد على المعتزلة والجهمية، فانتشرت في عهده أخبار التجسيم والتشبيه، فكان البخاري في طليعة من ضبط هذه الأخبار التي أخذها عن مشايخه دون واسطة فابنا أبي شيبة محمد بن عبد الله بن محمد بن شيبة وعثمان بن أبي شيبة هما أخوان ومن المكثرين في رجال البخاري فهؤلاء من هذه الطبقة التي اغدق عليها المتوكل بجوائزه لوضع الاخبار في الرد على أخبار المعتزلة والجهمية، إذ جلسوا يحدثون الناس في مسجد الرصافة ومدينة المنصور
يقول الذهبي: «أنه أشخص الفقهاء والمحدثين، فكان فيهم: مصعب الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإبراهيم بن عبدالله الهروي، وعبدالله وعثمان ابني محمد بن أبي شيبة، فقسمت بينهم الجوائز، وأجريت عليهم الارزاق، وأمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس ويحدثوا بالاحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية، وأن يحدثوا بالاحاديث في الرؤية فجلس عثمان بن محمد بن أبي شيبة في مدينة أبي جعفرالمنصور، ووضع له منبر واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألف من الناس، وجلس أبو بكر بن أبي شيبة في مسجد الرصافة، وكان أشد تقدما من أخيه عثمان، واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألف»
بالقطع لا يوجد طبقا لكلام الله شىء اسمه الحديث أو سنة النبى (ص) أو الأخبار فالموجود كان البيان كما قال تعالى" إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه" وهو تفسير القرآن وهو الذكر وهو وحى كلامى لا علاقة له بالأفعال والتقريرات وغيرها وفيه قال تعالى" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
وفى القسم الأخير تكلم عن الإسرائيليات فقال:
"القسم الخامس: الاسرائيليات في صحيح البخاري:
للوهلة الاولى يبدو الموضوع مدهشا لا يصدق، فهل يمكن لكتاب يورد لعنا في بعض أبوابه لليهود والنصارى أن يتضمن ترويجا لهم في بعض أبوابه؟ كما هو الحال في باب الذبائح في الرواية التالية
وفي كتاب «الذبائح» نسب إلى النبي (ص) أكل لحوم ما ذبح على الاصنام! فروى«حدثنا معلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز ـ يعني ابن المختار أخبرنا موسى بن عقبة قال: أخبرني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن رسول الله: أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح ـ وذاك قبل أن ينزل على رسول الله الوحي ـ فقدم إليه رسول الله سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها، ثم قال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم لا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه»
وهذا ما نلاحظه أيضا في الرواية التي تقول:
1ـ حدثني إبراهيم بن المنذر: حدثنا محمد بن فليح، حدثني أبي، عن هلال بن علي من بني عامر بن لؤي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي(ص) قال: «من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب»
وكذا قوله:
2ـ حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث، عن عبدالعزيز بن أبي سلمة، عن عبدالله بن الفضل، عن الاعرج، عن أبي هريرة قال: بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئا كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر فسمعه رجل من الانصار فقام فلطم وجهه، وقال: تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبى(صلى الله عليه وسلم) بين أظهرنا!
فذهب إليه فقال: يا أبا القاسم! إن لي ذمة وعهدا فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: «لم لطمت وجهه»؟ فذكره، فغضب النبى(صلى الله عليه وسلم) حتى رؤى في وجهه ثم قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله; فانه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات و من في الارض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه الاخرى فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش! فلا أدري أحوسب بصعقتة يوم الطور؟ أم بعث قبلي؟! ولا أقول إن أحدا أفضل من يونس بن متى»!!
3ـ وفي رواية «كتاب الرقاق»: فقال رسول الله (ص) «: لا تخيروني على موسى; فان الناس يصعقون يوم القيامة الخ»
4ـ وروى في أكثر من سبعة موارد، قوله: «لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى»
5ـ وفي كتاب «الخصومات» فقال: «لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة الخ»
وفي الشروح على هذه الرواية وفي تأويلها تكلم المحب والمبغض، فلم يقدر أحد منهم أن يدافع عنه في ذلك، وإنهم قد ابتلوا بالمغالطات البينة الواضحة ; حتى لقد سلك بعضهم سبيل من لا يدافع عنه، فصرح بالبطلان
اعترف الحافظ ابن حجر بأنها تدل على فضيلة موسى على النبي (ص)، وقال: «فإن كان أفاق قبله فهي فضيلة ظاهرة، وإن كان ممن استثنى الله فلم يصعق فهي فضيلة أيضا »ولا شبهة لمسلم في أن النبي الخاتم (ص) أفضل الانبياء وأشرفهم في الدنيا والاخرة، وشريعته خاتمة الشرائع وناسختها; وان هذا وأمثاله يشكل احراجا شديدا لمن يعتقد بصحة البخاري، وهذا ما دفع بالنهاية ابن حجر في «فتح الباري» إلى الاعلان عن هذه الرواية تؤكد أفضلية النبي موسى على سيدنا محمد (ص)، وهو خلاف الاجماع الذي تؤكده جميع الفرق الإسلامية وهناك أيضا رواية المعراج وقد أثارت الرواية جدلا لدى شارحي البخاري، لأن قبولها يعني تأكيد أعلمية موسى من نبينا (ص) بأمته، وهي تصرح ذلك علنا في قول موسى: أنا أعلم بالناس منك"
الروايات التى يقول عنها اسرائيلية هى الروايات التى تناقض روايات تفضيل العلويين وفاطمة فى المذهب الشيعى والروايات عند كل الفرق تخالف كتاب الله فى قوله على لسان المؤمنين " لا تفرق بين أحد من رسله" وقوله " فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"
فالرسل(ص) جميعا فى مرتبة واحدة عند المسلمين لا تفاضل بينهم لأن الله لم يذكر من المفضل على من فى القرآن فجملة " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض" مبهمة وهى ليست فى المكانة وإنما فى عطايا الدنيا
ثم تكلم عن الهرساوى عن أشياء لم يضعها فى الأقسام الخمسة التى قسم البحث لها وقد سبق أن تناولها فى الأقسام الخمسة فقال :
"وهناك قضايا أخرى من هذا القبيل يعج بها صحيح البخاري، ويتطلب التطرق اليها وقتا طويلا وسلسلة من اللقاءات المنظمة والمسندة بالوثائق المؤيدة ان شاء الله
ملحق البحث:
-"استخدام البخاري عبارة «بعض الناس» في كتابه:
العبارة تكررت «27» مرة في باب الزكاة «في الركاز» يعني دفينة الجاهلية، وفي البيع والاكراه والنكاح والشفعة والهبة، وأربعة عشر مرة في باب الحيل وحده "
ذكر هذا فى موضوع معارضة البخارى لأبى حنيفة
-"التمييز بين ما كتبه البخاري في صحيحه وما أضافه تلامذته:
لا توجد حدود واضحة للتمييز، ولكنهم يقولون إنها موارد كثيرة، لان المبيضات في الاصل كانت كثيرة، لان البخاري نفسه لم يوردها تحت العناوين التي ثبتها واكتفى بترجمة العنوان، وما يزال بعض العناوين هكذا "
سبق مناقشة ذلك فى الحديث عن الكتاب المسمى الصحيح
-"المعيار في اعتبار بعض الروايات مجرد تعليقات:
التعليقات في الحقيقة روايات تفتقد الى السند أو المنقطعة السند، وهي تشتمل على ألف وثلاثمائة وواحد وأربعون حديث، وهي نسبة تصل مع الشواهد والمكررات إلى نصف الكتاب تقريبا، وبهذا يصبح صحيح البخاري مستحلا على أربعة آلاف حديث كما ذكر في كتب الحديث
قيمة تعليقات البخاري:
لا تعتبر تعليقات البخاري جزءا من صحاح الاحاديث، وقد ألفت في هذا عدة كتب بحثت في تعليقات البخاري، ففي حديث «المعازف» مثلا ردا على ابن حزم الاندلسي بحث تفصيلي في عدم حجية تعليقات البخاري، وكذا في موارد أخرى
طريقة البخاري في تثبيت العناوين:
يقال إن البخاري لدى بدئه تصنيف الكتاب أورد أولا التراجم، يعني العناوين، ثم إذا وجد رواية ثبتها تحت عنوانها، وإذا لم يجد آية أو رواية تناسب تلك العناوين يتركها
ولذا نجد في بعض الموارد عناوين دون روايات، وهناك كتب خاصة ألفت عن تراجم البخاري منها: «المتواري على تراجم أبواب البخاري»، صنفه أحمد بن محمد الاسكندراني المعروف بابن المنير المتوفى سنة 683هـ، حيث نشاهد بوضوح موارد متعددة لا نجد فيها أية رابطة بين العنوان والروايات الواردة في ذيله "
سبق مناقشة ذلك فى الحديث عن الكتاب المسمى الصحيح
ومما سبق نجد :
ان كل فرد من مذهب يحاول النيل من المذهب الأخر بغض النظر عن العدل وفى سبيل هذا يبعدون عن القرآن لأنه يبين كذب المذاهب