قراءة فى خطبة في معنى لا إله إلا الله
الخطيب أبو أويس محمد بن الأمين بوخبزة الحسني والخطبة تدور حول معنى الشهادة لا إله إلا الله وكالعادة يركز القوم حديثهم على الألوهية كعقيدة ولا يتحدثون عن أنها مرتبطة بالعمل تماما إلا فى القليل من الأحوال ومن ثم قال بو خبزة الحسنى:
"أما بعد:
فيا أيها المسلمون: قال الله تعالى في محكم كتابه العظيم: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم}
هذه الكلمة المأمور بها، المبعوث بها الأنبياء والمرسلون، اللاهج بها أتباعهم الصالحون، وصية الله إلى خلقه، و وحيه إلى عبيده، كلمة الإخلاص، و وسيلة النجاة والخلاص، لا معنى للإخلاص في العبادة بدونها، ولا سبيل للنجاة من عذاب الله إلا باعتناقها واعتقادها، كلمة ذات شطرين، جامعة فصلين، نفي وإثبات، وسلب وإيجاب، تنفي ما اصطنع من الآلهة والطواغيت، وتسلب استحقاقهم للعبادة بجميع أنواعها، فتوحي بالتبصر والسمو، وتبعث على الترفع والعلو، وتثبت توحيد الله تعالى بصفات الكمال، ونعوت الجلال، واستحقاقه وحده لجميع ضروب العبادات، وتوجب تفرده سبحانه بالخلق والإيجاد، والتدبير والتصرف المطلق، وأهليته عز وجل للتوجه إليه، وإرادة وجهه، بأنواع الطاعات، ومختلف الدعوات. لا إله إلا الله، أفضل كلمة في الوجود، أوحى بها الله الملك المعبود، وأخبر أنه خلق لمضمونها الجن والإنس"
والكلمة معناها هو الدين كله حيث لا طاعة إلا للخالق وحده من خلال كلامه
وحدثنا الحسنى عن معنى العبادة فقال :
"العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وأركانها كمال الحب مع كمال الخوف والرجاء. (فوائد في أصول الدين).
وأخضع لمعناها السموات والأرض {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا} وجعل بها قيام النبات والحيوان والجماد، لأنها عنوان حضرة الله تعالى وعظمته، وعلامة هيمنته وقيوميته."
إذا المعنى اللفظى الأول للشهادة هو عبادة الله وأما المعنى الثانى عنده وهو تكرار للأول فهو:
"لا إله إلا الله عنوان الإسلام، وشارة الإيمان لمن نطق بها، معتقدا معناها، فاهما مغزاها، عامر القلب بمضمونها، مطمئن الضمير بمدلولها، جاريا على سننها، غير منطو على شك فيها، أو: مبطن لريب حولها، أو: ناقض بعمله لقانونها، أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنها أفضل ما قاله هو النبيون من قبله: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله) وأي كلام يفضلها، وهي كلمة الشهادة، ودليل الخير والعبادة، وللعبادة خلق الله الثقلين، ولها أضل الخلقين ونور المشرقين والمغربين، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي كلام يوازيها ويساويها في الفضل والسمو، وهي مفتاح الجنة، وجواز الصراط، وسبب الفوز الأكبر، وباب الرضوان الأعظم، وعصمة المتمسك بها، وحبل النجاة للعالم بها، الشاهد الناطق بحروفها، عن علم وصدق، واطمئنان ويقين."
والحديث عن كون الشهادة أفضل كلمة قالها النبيون(ص) هو حديث باطل فكل كلام الوحى مماثل لها خاصة أن الوحى مداره على شرح المعنى بألفاظ متعددة التقوى العبادة الخوف من الله طاعة الله اتباع الله ..
وتحدث عن معنى كلمة الإله والله فقال :
"التحقق بمعنى لا إله إلا الله وهو لا شك غاية مناك، ومنتهى قصدك، وأجل أمانيك، يتوقف على معنى (الإله) وما المراد به، ومعنى كلمة (الله) وما المقصود بها، لأنك إذا فهمت الكلمتين، عرفت ما تنفي وتثبت، وما تطرح وما تبقي، فكلمة الإله في اللغة، معناه المستحق للعبادة، أي الذي بلغ من الكبرياء وجلالة القدر، وعلو الشأن وعظم المنزلة، درجة يستحق معها أن يعبده الناس، ويخضعوا له، ويدعوه ويسجدوا له.
ومن تتمات هذا المعنى أن الإله زيادة على ذلك: من كان غنيا عن غيره، غير محتاج إلى أحد، وكان الجميع محتاجين إليه، مضطرين إلى عونه في جميع شؤون حياتهم، ومن تتمات هذا المعنى أيضا أن الإله من كان ذا قوة هائلة جبارة، يتحير العقل في فهمها، ومن مقتضياتها أن يكون محتجبا عن الناس، غير مدرك لأبصارهم، وكلمة (الله) هي اسم علم لذات الحق سبحانه وتعالى، إذا فهمت هذا فمعنى لا إله إلا الله، أي: أنه ليس في هذا الكون أحد جدير بأن يعبده الناس، ويخضعوا له بالطاعة والعبادة إلا الله تعالى. فما لهذا الكون من مالك ولا حاكم إلا هو وحده، وكل شيء مفتقر إليه، محتاج إلى عونه مضطر إلى مدده، وهو سبحانه وراء الحواس، يتحير عقل الإنسان في إدراك ذاته"
والرجل هنا يشرح معنى الكلمتين وهو شرح ناقص عما فى الوحى لأن كلمة الإله أحيانا يكون لها معنى محدد فقد يكون معناها الخالق فقط وقد يكون معناه معناها القادر أو العليم أو غير ذلك على حسب السياق
وتحدث عن معنى الشهادة بألفاظ أخرى فقال :
" {لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير} هذا معنى لا إله إلا الله، وقد يختصر في ألفاظ قليلة فيقال معناها: "لا معبود بحق إلا الله"، ونلفت نظرك بهذا أيها المسلم، إلى أن بعض الناس يخلط بين الرب والإله، فيجعل معناهما واحدا، وليس كذلك، لأن اعتقاد ذلك يوقع في المحذور، ولا يسلم صاحبه من الخلل في عقيدته، إذ الرب معناه الخالق المدبر الرازق المربي، واعتقاد وجود الرب وتوحيده بالخلق والإيجاد والتدبير والرزق، ليس عقيدة المسلمين وحدهم، بل إن المشركين في الجاهلية قبل الإسلام كانوا يعتقدون هذا"
والتفرقة المزعومة بين الرب والإله لا أصل لها وإنما استعمال الكلام حسب السياق وهو ما يقصده المتكلم فالكلمتين أحيانا تستعملان للتعبير عن معبودات الكفار كقوله :
" أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى"
وتحدث عن عقيدة بعض الكفار فى عهد الرسول الأخير(ص) فقال :
" بل ويعبدونه ويتقربون إليه، وإنما أشركوا ولم يسلموا لعدم توحيدهم في العبادة والقصد، وإشراكهم مع الله غيره في الدعاء، والتقرب والاستغاثة، وطلب ما لا يقدر عليه إلا الله، وهذا ما نطق به القرآن الكريم فقال: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون}
وقال تعالى: {لئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم}
وقال {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله}
وقال {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}
ونقل الرواة أن المشركين كانوا يصومون ويحجون ويقولون في تلبيتهم، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك فهذه الآيات وغيرها كثير، صريحة كما ترى أيها المسلم في أن المشركين في الجاهلية كانوا يعتقدون وجود الرب تعالى، وأنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير وغير ذلك، إلا أنهم أشركوا في عبادته وعبدوا معه غيره من الشفعاء والأولياء بشتى أنواع العبادة ومظاهرها، من دعاء وذبح، ونذر وتقرب وخضوع، وتذلل والتجاء"
ومما سبق نجد أن الكثير من الكفار يعترفون بأن الله هو خالقهم ولكنهم يعبدونه مع غيره أى يطيعون ألهة متعددة منها الله
وتحدث الرجل عن أن الكلمة مرتبطة بالعمل والنية فقال :
"وظاهر من هذا كل الظهور، أن من قصد غير الله تعالى بنوع أو فعل من أفعال العبادة، لحق بهم ولا شك، وعد منهم، ولا تنفعه حينئذ لا إله إلا الله، وإن ملأ وقته بها ولهج بها آناء الليل وأطراف النهار، حتى يخلص العبادة لله سبحانه، المستحق لها وحده، ولهذه الكلمة المشرفة آثار عظيمة وخصائص جسيمة، ينتجها الإيمان بها، وتتولد عن تطبيق مقتضاها والجزم بها، ومن أهمها وأجلها: الحاكمية، إذ من تحاكم إلى الطاغوت، والطاغوت كل ما قصد من دون الله ورضي به، و ركن إليه، وأقره وأيده، فقد أشركه مع الله تعالى في أخص خصائص الألوهية وهي الحكم {إن الحكم إلا لله} {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} "
إذا العبادة لابد أن تكون نيتها وهو باطنها الإخلاص وهو طلب رضا وهو رحمة الله وظاهرها هو العمل الصالح من قول أو فعل
وأطلق الحسنى على من يحكمون غير الله من الحكام اسم المسلمون فقال
"وقد أطبق المسلمون في الشرق والغرب على الإطاحة بهذه الخاصية الإلهية، ونصب رؤساؤهم أنفسهم طواغيت، وأضفوا عليها صفات الألوهية، وتحكموا باسمهم في الأبشار و الأبضاع والدماء والأموال، و رضيت شعوبهم بذلك فتطرق الخلل إلى أعز ما لديهم، وهو الإيمان بلا إله إلا الله، التي سادوا بها العالم وفتحوا بها الأمصار وملكوا الأقطار، حين كانوا مؤمنين بها، فانحدروا إلى الحضيض، ولازالوا متخبطين في أوحاله، مرتكسين في آلامه وأهواله، ولن يزالوا كذلك إلى أن يراجعوا رشدهم، ويخلصوا الإيمان بالله، ويلوذوا بلا إله إلا الله، حقا وصدقا، حينئذ يرفع الله عنهم الضيم، وينقشع الغيم، ويفرح المؤمنون بنصر الله، أما ما دامت الحال كما نرى، فإن هذه الكلمة لا تنفعهم، وإذا قالوها بكتوا وكذبوا، وهذا هو الخطر العظيم والبلاء الكبير."
وبالقطع كل من صدق أن الحكم لغير الله والمراد الحكم لغير وحى الله فقد كفر وليس له إسلام بل هو كافر كما قال تعالى :
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
وذكر أحاديث فى الشهادة فقال :
"قال أنس بن مالك، سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: (لا إله إلا الله، تمنع من سخط الله ما لم يوثروا دنياهم على دينهم فإذا فعلوا ذلك ثم قالوا لا إله إلا الله قال الله كذبتم) رواه البزار في مسنده."
وقالت عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: (لا تزال أمة لا إله إلا الله بخير ما بالوا ما انتقص من أمر دينهم في أمر دنياهم فإذا لم يبالوا ما انتقص من أمر دينهم في فلاح دنياهم ردت عليهم وقيل لهم لستم بصادقين) رواه الطبراني في المعجم الأوسط
وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال لا إله إلا الله تدفع عن قائلها ما بالى قائلها ما أصابهم في دنياهم إذا سلم لهم دينهم فإذا لم يبال قائلها ما أصابهم في دينهم بسلامة دنياهم فقالوا لا اله إلا الله. قيل لهم كذبتم). رواه البزار في مسنده أيضا.
وهذه الأحاديث الثلاثة كلها في معنى واحد، وهو أن الناس إذا اهتموا بشؤون الدنيا وحدها وقدموها على الدين، ولم يبالوا بدينهم إذا سلمت لهم دنياهم، كما هو الحال الآن تماما، ثم قالوا لا إله إلا الله، ردت عليهم ولم تنفعهم، وقال لهم الله كذبتهم، والعياذ بالله تعالى"
والأحاديث مخالفة لكتاب الله فالمسلمون مع اعتقادهم بها وعملهم بها واخلاصهم قد لا يكونون بخير ففى أول الدعوة كانوا يعذبون عليها أى تصيبهم الشرور مع إيمانهم وعملهم بها وحتى بعدما هاجروا عملوا بها واعتقدوا ومع هذا ابتلاهم الله بالشرور كنقص الأموال والأنفس والثمرات فقال :
""ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"
وتحدث الرجل عن خوفه على نفسه وعلينا أن نكون كفارا يحكمون رؤساءهم وملوكهم وغيرهم فقال :
"ونخشى يا أخي أن نكون أنا وأنت من هؤلاء، فإن وزن لا إله إلا الله أصبح خفيفا في نفوسنا، تعودنا قولها بألسنتنا فقط، أما سلوكنا في الحياة، أما أسلوب عيشنا، أما موقفنا من ديننا، فهو مخجل قبيح بعيد عن الصواب وأقبح منه وأخزى وأعرق في الضلال، إصرارنا عليه، وتمادينا فيه، لا نتعظ ولا ننزجر، ولا نرعوي ولا نزدجر، فلنجاهد أنفسنا، ونمت بعرق جبيننا جهدا في الثبات على الحق، وإخلاص العبادة لله، عسى أن نكون من حزب لا إله إلا الله."
إذا الشهادة هى ايمان وعمل صالح معه والمراد انها طاعة الدين كله وهو حكم الله وحده دون غيره أيا كان هذا الغير وأيا كان مسماه
الخطيب أبو أويس محمد بن الأمين بوخبزة الحسني والخطبة تدور حول معنى الشهادة لا إله إلا الله وكالعادة يركز القوم حديثهم على الألوهية كعقيدة ولا يتحدثون عن أنها مرتبطة بالعمل تماما إلا فى القليل من الأحوال ومن ثم قال بو خبزة الحسنى:
"أما بعد:
فيا أيها المسلمون: قال الله تعالى في محكم كتابه العظيم: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم}
هذه الكلمة المأمور بها، المبعوث بها الأنبياء والمرسلون، اللاهج بها أتباعهم الصالحون، وصية الله إلى خلقه، و وحيه إلى عبيده، كلمة الإخلاص، و وسيلة النجاة والخلاص، لا معنى للإخلاص في العبادة بدونها، ولا سبيل للنجاة من عذاب الله إلا باعتناقها واعتقادها، كلمة ذات شطرين، جامعة فصلين، نفي وإثبات، وسلب وإيجاب، تنفي ما اصطنع من الآلهة والطواغيت، وتسلب استحقاقهم للعبادة بجميع أنواعها، فتوحي بالتبصر والسمو، وتبعث على الترفع والعلو، وتثبت توحيد الله تعالى بصفات الكمال، ونعوت الجلال، واستحقاقه وحده لجميع ضروب العبادات، وتوجب تفرده سبحانه بالخلق والإيجاد، والتدبير والتصرف المطلق، وأهليته عز وجل للتوجه إليه، وإرادة وجهه، بأنواع الطاعات، ومختلف الدعوات. لا إله إلا الله، أفضل كلمة في الوجود، أوحى بها الله الملك المعبود، وأخبر أنه خلق لمضمونها الجن والإنس"
والكلمة معناها هو الدين كله حيث لا طاعة إلا للخالق وحده من خلال كلامه
وحدثنا الحسنى عن معنى العبادة فقال :
"العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وأركانها كمال الحب مع كمال الخوف والرجاء. (فوائد في أصول الدين).
وأخضع لمعناها السموات والأرض {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا} وجعل بها قيام النبات والحيوان والجماد، لأنها عنوان حضرة الله تعالى وعظمته، وعلامة هيمنته وقيوميته."
إذا المعنى اللفظى الأول للشهادة هو عبادة الله وأما المعنى الثانى عنده وهو تكرار للأول فهو:
"لا إله إلا الله عنوان الإسلام، وشارة الإيمان لمن نطق بها، معتقدا معناها، فاهما مغزاها، عامر القلب بمضمونها، مطمئن الضمير بمدلولها، جاريا على سننها، غير منطو على شك فيها، أو: مبطن لريب حولها، أو: ناقض بعمله لقانونها، أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنها أفضل ما قاله هو النبيون من قبله: (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله) وأي كلام يفضلها، وهي كلمة الشهادة، ودليل الخير والعبادة، وللعبادة خلق الله الثقلين، ولها أضل الخلقين ونور المشرقين والمغربين، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي كلام يوازيها ويساويها في الفضل والسمو، وهي مفتاح الجنة، وجواز الصراط، وسبب الفوز الأكبر، وباب الرضوان الأعظم، وعصمة المتمسك بها، وحبل النجاة للعالم بها، الشاهد الناطق بحروفها، عن علم وصدق، واطمئنان ويقين."
والحديث عن كون الشهادة أفضل كلمة قالها النبيون(ص) هو حديث باطل فكل كلام الوحى مماثل لها خاصة أن الوحى مداره على شرح المعنى بألفاظ متعددة التقوى العبادة الخوف من الله طاعة الله اتباع الله ..
وتحدث عن معنى كلمة الإله والله فقال :
"التحقق بمعنى لا إله إلا الله وهو لا شك غاية مناك، ومنتهى قصدك، وأجل أمانيك، يتوقف على معنى (الإله) وما المراد به، ومعنى كلمة (الله) وما المقصود بها، لأنك إذا فهمت الكلمتين، عرفت ما تنفي وتثبت، وما تطرح وما تبقي، فكلمة الإله في اللغة، معناه المستحق للعبادة، أي الذي بلغ من الكبرياء وجلالة القدر، وعلو الشأن وعظم المنزلة، درجة يستحق معها أن يعبده الناس، ويخضعوا له، ويدعوه ويسجدوا له.
ومن تتمات هذا المعنى أن الإله زيادة على ذلك: من كان غنيا عن غيره، غير محتاج إلى أحد، وكان الجميع محتاجين إليه، مضطرين إلى عونه في جميع شؤون حياتهم، ومن تتمات هذا المعنى أيضا أن الإله من كان ذا قوة هائلة جبارة، يتحير العقل في فهمها، ومن مقتضياتها أن يكون محتجبا عن الناس، غير مدرك لأبصارهم، وكلمة (الله) هي اسم علم لذات الحق سبحانه وتعالى، إذا فهمت هذا فمعنى لا إله إلا الله، أي: أنه ليس في هذا الكون أحد جدير بأن يعبده الناس، ويخضعوا له بالطاعة والعبادة إلا الله تعالى. فما لهذا الكون من مالك ولا حاكم إلا هو وحده، وكل شيء مفتقر إليه، محتاج إلى عونه مضطر إلى مدده، وهو سبحانه وراء الحواس، يتحير عقل الإنسان في إدراك ذاته"
والرجل هنا يشرح معنى الكلمتين وهو شرح ناقص عما فى الوحى لأن كلمة الإله أحيانا يكون لها معنى محدد فقد يكون معناها الخالق فقط وقد يكون معناه معناها القادر أو العليم أو غير ذلك على حسب السياق
وتحدث عن معنى الشهادة بألفاظ أخرى فقال :
" {لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير} هذا معنى لا إله إلا الله، وقد يختصر في ألفاظ قليلة فيقال معناها: "لا معبود بحق إلا الله"، ونلفت نظرك بهذا أيها المسلم، إلى أن بعض الناس يخلط بين الرب والإله، فيجعل معناهما واحدا، وليس كذلك، لأن اعتقاد ذلك يوقع في المحذور، ولا يسلم صاحبه من الخلل في عقيدته، إذ الرب معناه الخالق المدبر الرازق المربي، واعتقاد وجود الرب وتوحيده بالخلق والإيجاد والتدبير والرزق، ليس عقيدة المسلمين وحدهم، بل إن المشركين في الجاهلية قبل الإسلام كانوا يعتقدون هذا"
والتفرقة المزعومة بين الرب والإله لا أصل لها وإنما استعمال الكلام حسب السياق وهو ما يقصده المتكلم فالكلمتين أحيانا تستعملان للتعبير عن معبودات الكفار كقوله :
" أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى"
وتحدث عن عقيدة بعض الكفار فى عهد الرسول الأخير(ص) فقال :
" بل ويعبدونه ويتقربون إليه، وإنما أشركوا ولم يسلموا لعدم توحيدهم في العبادة والقصد، وإشراكهم مع الله غيره في الدعاء، والتقرب والاستغاثة، وطلب ما لا يقدر عليه إلا الله، وهذا ما نطق به القرآن الكريم فقال: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون}
وقال تعالى: {لئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم}
وقال {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله}
وقال {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}
ونقل الرواة أن المشركين كانوا يصومون ويحجون ويقولون في تلبيتهم، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك فهذه الآيات وغيرها كثير، صريحة كما ترى أيها المسلم في أن المشركين في الجاهلية كانوا يعتقدون وجود الرب تعالى، وأنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير وغير ذلك، إلا أنهم أشركوا في عبادته وعبدوا معه غيره من الشفعاء والأولياء بشتى أنواع العبادة ومظاهرها، من دعاء وذبح، ونذر وتقرب وخضوع، وتذلل والتجاء"
ومما سبق نجد أن الكثير من الكفار يعترفون بأن الله هو خالقهم ولكنهم يعبدونه مع غيره أى يطيعون ألهة متعددة منها الله
وتحدث الرجل عن أن الكلمة مرتبطة بالعمل والنية فقال :
"وظاهر من هذا كل الظهور، أن من قصد غير الله تعالى بنوع أو فعل من أفعال العبادة، لحق بهم ولا شك، وعد منهم، ولا تنفعه حينئذ لا إله إلا الله، وإن ملأ وقته بها ولهج بها آناء الليل وأطراف النهار، حتى يخلص العبادة لله سبحانه، المستحق لها وحده، ولهذه الكلمة المشرفة آثار عظيمة وخصائص جسيمة، ينتجها الإيمان بها، وتتولد عن تطبيق مقتضاها والجزم بها، ومن أهمها وأجلها: الحاكمية، إذ من تحاكم إلى الطاغوت، والطاغوت كل ما قصد من دون الله ورضي به، و ركن إليه، وأقره وأيده، فقد أشركه مع الله تعالى في أخص خصائص الألوهية وهي الحكم {إن الحكم إلا لله} {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} "
إذا العبادة لابد أن تكون نيتها وهو باطنها الإخلاص وهو طلب رضا وهو رحمة الله وظاهرها هو العمل الصالح من قول أو فعل
وأطلق الحسنى على من يحكمون غير الله من الحكام اسم المسلمون فقال
"وقد أطبق المسلمون في الشرق والغرب على الإطاحة بهذه الخاصية الإلهية، ونصب رؤساؤهم أنفسهم طواغيت، وأضفوا عليها صفات الألوهية، وتحكموا باسمهم في الأبشار و الأبضاع والدماء والأموال، و رضيت شعوبهم بذلك فتطرق الخلل إلى أعز ما لديهم، وهو الإيمان بلا إله إلا الله، التي سادوا بها العالم وفتحوا بها الأمصار وملكوا الأقطار، حين كانوا مؤمنين بها، فانحدروا إلى الحضيض، ولازالوا متخبطين في أوحاله، مرتكسين في آلامه وأهواله، ولن يزالوا كذلك إلى أن يراجعوا رشدهم، ويخلصوا الإيمان بالله، ويلوذوا بلا إله إلا الله، حقا وصدقا، حينئذ يرفع الله عنهم الضيم، وينقشع الغيم، ويفرح المؤمنون بنصر الله، أما ما دامت الحال كما نرى، فإن هذه الكلمة لا تنفعهم، وإذا قالوها بكتوا وكذبوا، وهذا هو الخطر العظيم والبلاء الكبير."
وبالقطع كل من صدق أن الحكم لغير الله والمراد الحكم لغير وحى الله فقد كفر وليس له إسلام بل هو كافر كما قال تعالى :
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
وذكر أحاديث فى الشهادة فقال :
"قال أنس بن مالك، سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: (لا إله إلا الله، تمنع من سخط الله ما لم يوثروا دنياهم على دينهم فإذا فعلوا ذلك ثم قالوا لا إله إلا الله قال الله كذبتم) رواه البزار في مسنده."
وقالت عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: (لا تزال أمة لا إله إلا الله بخير ما بالوا ما انتقص من أمر دينهم في أمر دنياهم فإذا لم يبالوا ما انتقص من أمر دينهم في فلاح دنياهم ردت عليهم وقيل لهم لستم بصادقين) رواه الطبراني في المعجم الأوسط
وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال لا إله إلا الله تدفع عن قائلها ما بالى قائلها ما أصابهم في دنياهم إذا سلم لهم دينهم فإذا لم يبال قائلها ما أصابهم في دينهم بسلامة دنياهم فقالوا لا اله إلا الله. قيل لهم كذبتم). رواه البزار في مسنده أيضا.
وهذه الأحاديث الثلاثة كلها في معنى واحد، وهو أن الناس إذا اهتموا بشؤون الدنيا وحدها وقدموها على الدين، ولم يبالوا بدينهم إذا سلمت لهم دنياهم، كما هو الحال الآن تماما، ثم قالوا لا إله إلا الله، ردت عليهم ولم تنفعهم، وقال لهم الله كذبتهم، والعياذ بالله تعالى"
والأحاديث مخالفة لكتاب الله فالمسلمون مع اعتقادهم بها وعملهم بها واخلاصهم قد لا يكونون بخير ففى أول الدعوة كانوا يعذبون عليها أى تصيبهم الشرور مع إيمانهم وعملهم بها وحتى بعدما هاجروا عملوا بها واعتقدوا ومع هذا ابتلاهم الله بالشرور كنقص الأموال والأنفس والثمرات فقال :
""ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"
وتحدث الرجل عن خوفه على نفسه وعلينا أن نكون كفارا يحكمون رؤساءهم وملوكهم وغيرهم فقال :
"ونخشى يا أخي أن نكون أنا وأنت من هؤلاء، فإن وزن لا إله إلا الله أصبح خفيفا في نفوسنا، تعودنا قولها بألسنتنا فقط، أما سلوكنا في الحياة، أما أسلوب عيشنا، أما موقفنا من ديننا، فهو مخجل قبيح بعيد عن الصواب وأقبح منه وأخزى وأعرق في الضلال، إصرارنا عليه، وتمادينا فيه، لا نتعظ ولا ننزجر، ولا نرعوي ولا نزدجر، فلنجاهد أنفسنا، ونمت بعرق جبيننا جهدا في الثبات على الحق، وإخلاص العبادة لله، عسى أن نكون من حزب لا إله إلا الله."
إذا الشهادة هى ايمان وعمل صالح معه والمراد انها طاعة الدين كله وهو حكم الله وحده دون غيره أيا كان هذا الغير وأيا كان مسماه